يعاني سكان أحياء شرق الطريق السريع من الروائح المنبعثة من المنطقة التي توجد فيها مصانع التدوير ومردم النفايات، وحين قيام الجمعية بجولتها الاستطلاعية على منطقة المصانع تجمع عدد من السكان ترتفع أصواتهم بالمطالبة بنقل المردم ومصانع التدوير، أو إيجاد حلول جذرية تكفيهم خطورة استنشاق هواء ملوث. يشير عبدالله الشهري أحد سكان حي الأجواد إلى أن الروائح الكريهة لم تفارق سماء شرق السريع منذ تسعة أعوام، وتنبعث بقوة في ساعات الليل المتأخرة، وتأكدت بوقوفي في مواقع المصانع من أن نفس الرائحة التي نشتمها في منازلنا هي نفس رائحة الموقع، وقال: «زوجتي وابني يشتكيان من حساسية في الجيوب الأنفية وتهيج في القولون بسبب الروائح، ولدي تقارير طبية تثبت حاليهما. ويسرد الشهري «نزراً» من معاناته وعائلته مع الروائح، إذ يقول: «حالنا لا يعلم بها إلى الله، فكثيرة هي المرات التي نجبر فيها على مغادرة المنزل، عند الساعة الواحدة والنصف ليلاً أذهب بعائلتي إلى البحر وننام ما يتيسر لنا من الوقت، وعند الصباح نعود إلى الحي، ليتمكن أبنائي من الذهاب إلى مدارسهم». ويصف محمد الغامدي الروائح الكريهة برائحة «البلاستيك» المحروق، ويقول: «منذ الساعة 12 ليلاً وحتى الفجر، نعاني من هذه الروائح ولا نتمكن من النوم، فنقضي ليلتنا نغطي أنوفنا من سموم نستنشقها ونخشى أن تفتك بنا، ولمدة طويلة عانينا من نوبة سعال لا تنقطع». ولا يخفي الغامدي وهو من ساكني حي الأجواد حديثه مع نفسه، ورغبته في بيع البيت أو تأجيره، والانتقال إلى حي يستنشق فيه هواءً نظيفاً، «لكنني عندما أتذكر معاناة الإيجار وكلفة شراء الأرض وبناء المنزل التي وصلت إلى مليون و200 ألف ريال، أتراجع عن التفكير، وأصبر نفسي وعائلتي بقرب الفرج». ويطالب محمد الغامدي مسؤولي جمعية حقوق الانسان بزيارات مفاجئة في الليل، إذ يستطيعون في هذا الوقت التأكد من وجود الروائح الكريهة ومصادرها، ومشاهدة مجهولي الهوية من الأفارقة وعمليات الحرق اليومية التي يقومون بها، من دون أن يتجرأ أحد من الاقتراب منهم. من جهة أخرى يعتزم فرع جمعية حقوق الانسان في منطقة مكةالمكرمة تنظيم ندوة بيئية خلال أشهر قليلة، تتعلق بالحقوق البيئية، وتسلط الضوء على المخاطر البيئية التي تتعرض لها جدة، وكيفية إيجاد حلول لها من خلال مشاركة جهات ذات علاقة، ومؤسسات المجتمع المدني.