توفي عن 66 سنة أمس مارتن ماكغينس، القيادي السابق في الجيش الجمهوري الإرلندي والذي شغل أيضاً منصب نائب رئيس الوزراء. وأرسلت ملكة بريطانيا إليزابيت الثانية برقية تعزية إلى أرملته، والتي كانت صافحته في لحظة تاريخية خلّدت مشواره السياسي مع الحكومة، ثم بادلها بتحية خاصة خلال احتفال في قصر ويندسور. وعانى ماكغينس من مرض نادر في القلب لم يكشف تفاصيله، وتنحى من منصب نائب رئيس الوزراء بعدما تولاه نحو عشر سنوات في كانون الثاني (يناير) الماضي، احتجاجاً على طريقة تعامل رئيسة الوزراء أرلين فوستر مع برنامج الطاقة النظيفة. وتسببت استقالته في انهيار حكومة تقاسم السلطة بين حزبه شين فين والحزب الديموقراطي الوحدوي الحاكم والمؤيد للمملكة المتحدة. وقال جيري آدامز، رئيس حزب شين فين: «أظهر ماكغينس طوال حياته مقداراً هائلاً من العزيمة والكرامة والتواضع، وكان متحمساً بشدة للنظام الجمهوري، وعمل بلا كلل للسلام والمصالحة وإعادة توحيد بلاده». وصرحت رئيسة الوزراء الإرلندية الشمالية فوستر بأن «التاريخ سيسجل وجهات نظر وآراء مختلفة في شأن الدور الذي لعبه ماكغينس خلال الماضي القريب، لكنه سيُظهر أيضاً أن مساهمته في العملية السياسية والسلمية كانت عظيمة». وعلى رغم اعترافها بأنها لا تستطيع أن تتغاضى مطلقاً عن خوضه قتال الشوارع في بداية حياته، نعت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي ماكغينس قائلة: «لعب في نهاية المطاف دوراً حاسماً في قيادة الحركة الجمهورية بعيداً من العنف، وساهم بالتالي في رحلة إرلندا الشمالية الاستثنائية من الصراع إلى السلام». لكن النائب البريطاني المحافظ لورد تيبيت الذي أصيب خلال تفجير الجيش الجمهوري الإرلندي قنبلة استهدفت فندق برايتون العام 1984، وأدت ايضاً إلى إصابة زوجته بشلل، وصف ماكغينس بأنه «جبان». أما كولن باري الذي توفي ابنه البالغ 13 من العمر في انفجار قنبلة زرعها الجيش الجمهوري الإرلندي في وارينغتون عام 1993، فقال: «لا أسامح ماكغينس، ولا الجيش الجمهوري»، مضيفاً: «سبب تحوله فجأة إلى رجل سلام هو شعوره بالخوف من اعتقاله وإدانته بسلسلة عمليات قتل». وقالت جولي هامبليتون التي قتلت شقيقتها مع 20 آخرين في تفجير استهدف حانة في برمنغهام عام 1974: «بوفاة ماكغينس تدفن الحقيقة، وهو كان محظوظاً بعيش حياة كاملة بخلاف شقيقتي وآلاف الضحايا الآخرين الذين قتلوا على يد الجيش الجمهوري». وكان ماكغينس ترك تدريباً على حرفة ذبح الماشية عام 1970 وانضم إلى صفوف الحزب الجمهوري الإرلندي في حملة دموية لإنهاء الحكم البريطاني لإرلندا الشمالية. ثم لعب دوراً رئيساً في انهاء الصراع الذي شهده الإقليم خلال 30 سنة، وقتل فيه حوالى 3600 شخص. وفي الثمانينيات من القرن العشرين، ساهم ماكغينس في صعود شين فين، الحليف السياسي للجيش الجمهوري، وأصبح كبير مفاوضي الحزب في المحادثات السياسيات التي أدت إلى إبرام اتفاق سلام عام 1998.