حذر الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف من إحتمال اندلاع سباق تسلح جديد، في حال لم تتمكن موسكو وواشنطن من التوصل إلى إتفاق في شأن انشاء منظومة دفاعية موحدة في أوروبا، وقال إن بلاده «ستكون مضطرة إلى إتخاذ قرارات جدية بتطوير وسائل ضاربة لحماية أمنها». وحملت كلمات مدفيديف أول رد رسمي روسي على رفض قادة حلف شمال الأطلسي اقتراحاً روسياً بتوحيد جهود الطرفين (روسيا والأطلسي) وتأسيس شبكة دفاع صاروخية موحدة في القارة الأوروبية. واللافت أن تحذير الرئيس الروسي جاء أمس، خلال خطابه السنوي أمام الهيئة الإشتراعية الذي ضمنه توجهات السياستين الداخلية والخارجية في روسيا للعام المقبل، ما يعني أن مدفيديف نقل المناقشة حول الملف إلى المشرعين الروس. وعلى رغم تركيز الخطاب على استعداد روسيا لتعزيز التعاون مع «حلفائها في الإتحاد الأوروبي والأطلسي» فان مدفيديف تعمد توجيه رسالة قوية عكست كما لاحظ خبراء روس «إحباط موسكو بسبب موقف الأطلسي حيال مبادرات روسيا للتعاون في أوروبا». وقال الرئيس الروسي إن بلاده سوف «تضطر في غضون العقد المقبل الى صنع انواع ضاربة جديدة من الأسلحة إذا فشلنا في انشاء منظومة اوروبية موحدة للدرع الصاروخية». وأوضح أن موسكو «ستواجه الخيارالتالي: إما ان نتوصل الى اتفاق في ما يتعلق بالدرع الصاروخية ومسألة تشكيل آليات مشتركة لضمان الأمن في أوروبا، أو تبدأ جولة جديدة من سباق التسلح ونضطر الى اتخاذ قرارات جدية بنشر وسائل ضاربة جديدة لحماية أمننا في حال الفشل». وشدد مدفيديف على ان منظومة الدرع الصاروخية الاوروبية «يجب ان تضمن أمن بلدان القارة كلها». ومعلوم أن روسيا و«الأطلسي» اتفقا خلال قمة جمعت قادة الطرفين أخيراً في لشبونة على التعاون في مجال «الدرع»، لكن مصادر في «الأطلسي» اشارت إلى رفض قادته اقتراحاً روسياً بتوحيد نظامي الدفاع وانشاء «درع» بالإعتماد على قدرات الجانبين، ولفت عسكريون أطلسيون إلى أن «الدعوة للتعاون مع موسكو لا تعني دمج النظامين كما يريد الروس». وزاد من خيبة أمل موسكو أن «الأطلسي» تجاهل مبادرة روسية لإنشاء نظام أمني شامل في أوروبي يأخذ في الإعتبار مخاوف الجانبين ورؤيتهما للتهديدات الخارجية في القارة. وأشار مدفيديف الى هذا الامر عندما اعرب عن «تفاؤل حذر في ما يتعلق بمستقبل العمل على اعداد معاهدة الأمن الأوروبي التي اقترحتها روسيا». على الصعيد الداخلي طغى شعار «التحديث» الذي رفعه مدفيديف منذ تسلمه السلطة على الخطاب الذي تضمن فقرات حول تعزيز القدرات العسكرية وتطوير النظام الدفاعي عبر توحيد شبكتي الدفاع الجوي والدفاع المضاد للصواريخ في روسيا تحت قيادة إستراتيجية واحدة في العام المقبل. كما أعلن عن خطة لتخصيص نحو 30 بليون دولار لتطوير قطاع البحوث العلمية، وقال إن المرحلة المقبلة ستشهد عمليات اصلاح واسعة في مؤسسة الحكم و «من دون إصلاح مؤسسات الدولة لا يمكن المضي في برامج التحديث». ولفت إلى ضرورة تشديد الرقابة على أداء القطاع الحكومي ومحاسبة المقصرين في الأجهزة الأمنية وقطاع القضاء، مشيراً إلى توافر معطيات في عدد من القضايا تدل إلى «تناغم هذه الأجهزة مع هياكل الجريمة المنظمة» و«هذا أمر لا يمكن السكوت عنه وتدخلت شخصياً في بعض القضايا لتوجيه التحقيقات نحو وجهتها الصحيحة».