بدأت الدوائر التفاوضية المختصة في الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي الاستعداد للعودة إلى المفاوضات المتوقفة بعد تلقيهما تأكيدات من الإدارة الأميركية بقرب تقديم مبادرة للعودة إلى المفاوضات المباشرة برعاية إقليمية وأميركية. في الجانب الفلسطيني، أزيل الغبار عن الملفات في دائرة شؤون المفاوضات التي يديرها أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير صائب عريقات. وفي الجانب الإسرائيلي، تسعى الحكومة اليمينية المتطرفة، التي لا تخفي معارضتها حل الدولتين كما يراه العالم، إلى تغيير أجندة المفاوضات مع الفلسطينيين، عبر إضافة قضايا جديدة إلى قائمة مفاوضات الوضع النهائي الستة المعروفة، وهي القدس والمياه والحدود والأمن واللاجئون والعلاقات الثنائية. ومن أبرز القضايا التي تنوي الحكومة الإسرائيلية إضافتها إلى قضايا المفاوضات النهائية، «التحريض» و «التمويل» و «العنف» و «الدولة اليهودية». وقال مسؤولون فلسطينيون إن القضايا التي حملها مبعوث الإدارة الأميركية جيسون غرينبلات إلى الرئيس محمود عباس بينت أن إسرائيل تريد حرف المفاوضات من الحقوق الفلسطينية إلى «التحريض» و «تمويل العنف» و «الدولة اليهودية». وقالت مصادر ديبلوماسية غربية ل «الحياة» إن غرينبلات أبلغ الجانب الفلسطيني أن إسرائيل تطالب بوقف التحريض في وسائل الإعلام والكتب المدرسية، بحيث تتضمن اعترافاً بها، ووقف تمويل «العنف» من خلال وقف دفع رواتب للمعتقلين على خلفية عمليات ضد إسرائيليين ولعائلات الشهداء الذين ينفذون عمليات ضد إسرائيليين. الصندوق القومي الفلسطيني وسارع وزير جيش الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان إلى الإعلان عن وضع «الصندوق القومي الفلسطيني» على قائمة ما يسمى «الإرهاب» والتعامل معه كمنظمة «إرهابية» قبل أن يغادر المبعوث الأميركي إسرائيل. وأعلن ليبرمان أنه استند في قراره إلى المادة 3 من قانون مكافحة الإرهاب، متهماً الصندوق القومي بالقيام بالعديد من النشاطات الداعمة «الإرهاب»، ومنها صرف رواتب لأسر الأسرى والشهداء الذين قاموا بعمليات ضد الجيش الإسرائيلي وأهداف «حيوية» إسرائيلية. وجاء في القرار: «إن الصندوق القومي يقوم بدعم اقتصادي لتمويل عمليات مسلحة، ضد الأهداف الإسرائيلية». وهدد ليبرمان باتخاذ خطوات ضد الصندوق قريباً، بما فيها مصادرة ممتلكاته وأمواله. وقالت الرئاسة الفلسطينية إن إعلان ليبرمان يشكل «خرقاً أساسياً لاتفاق أوسلو الموقع بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل». وأضافت في بيان: «إن الصندوق القومي من مؤسسات منظمة التحرير، ويؤدي دوره وفق الاتفاقات الموقعة، ووفق المعايير الدولية بكل شفافية ومراقبة دولية». وتابع البيان: «في الوقت الذي تحاول الإدارة الأميركية، من خلال محادثاتها مع الأطراف، ووجود موفد ترامب في المنطقة لإيجاد مناخ يسهم في صنع السلام، فإن هذا الإعلان يعتبر محاولة إسرائيلية لإعاقة الجهود الأميركية وتخريبها والاستخفاف بها». وقالت الرئاسة: «نرفض هذا القرار رفضاً تاماً، ونطالب الحكومة الإسرائيلية بمعالجة هذا الأمر فوراً والتراجع عنه لأن ذلك سيؤدي إلى نسف أسس الاتفاق والعلاقة القانونية مع إسرائيل». كما دعت دول العالم كافة إلى رفض هذا الإعلان «حفاظاً على اتفاق رعته الولاياتالمتحدة والعالم بأسره». وتدفع السلطة رواتب أسر الشهداء والأسرى من خلال الصندوق القومي الفلسطيني التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية، ومقره في الخارج. ويقول مسؤولون فلسطينيون إن الهدف من القرار الإسرائيلي وتوقيت صدوره هو إدخال ما يسمى «العنف» و «التحريض» في المفاوضات المتوقع عودتها في الأشهر المقبلة، بمبادرة من ترامب. ويرى المسؤولون في السلطة الفلسطينية أن إسرائيل تحاول وضع مطالب تعجيزية في المفاوضات المقبلة، بهدف تحميل الجانب الفلسطيني المسؤولية عن فشلها المتوقع، مثل وقف دفع رواتب أسر الشهداء والأسرى. ويدفع الصندوق القومي الفلسطيني رواتب لأسر حوالي 25 ألف شهيد وسبعة آلاف جريح، وآلاف الأسرى المحررين الذين أمضوا أكثر من خمس سنوات في الأسر. وسيكون من الصعب جداً على القيادة الفلسطينية وقف رواتب هذه العائلات التي لا يمتلك الكثير منها أي مصدر آخر للعيش. وأجرت السلطة تعديلات جوهرية على مناهج التعليم، منها تحديد فلسطين في الأراضي المحتلة عام 1967. لكن إسرائيل تطالب بتغيير المناهج على نحو يكرس الاعتراف بدولة إسرائيل. وطلبت الإدارة الأميركية من إسرائيل وقف طرح عطاءات بناء استيطانية جديدة، ويتوقع محللون وكتاب في إسرائيل أن تؤدي استجابة الحكومة للمطلب الأميركي إلى حدوث أزمة فيها. وتتجه الإدارة الأميركية إلى طرح مبادرة سلام جديدة تقوم على إعادة الطرفين إلى المفاوضات المباشرة برعاية إقليمية وأميركية. ويتوقع أن تنطلق المفاوضات في مؤتمر يعقد في الاقليم بمشاركة عدد من الدول العربية التي تقيم علاقة مع اسرائيل، مثل مصر والأردن. وقدمت اللجنة المركزية لحركة «فتح» في اجتماعها ليل الخميس - الجمعة الدعم للرئيس عباس للاستجابة إلى الجهود الأميركية الرامية إلى إعادة إطلاق المفاوضات.