نيويورك - أ ف ب - تعد برودواي واحد من أكثر اماكن العرض المرموقة في العالم، لكن دونتي ستيل وفرقته اختاروا الاصعب، أن يرقصوا في المترو. يستقل اعضاء الفرقة القطار مع جهاز الموسيقى المحمول، ثم يسأل احدهم «كم الساعة الآن»، فيجيبه الآخرون «انها ساعة العرض»، ويبدأون بالرقص. وكالعادة يشيح راكبو المترو المنزعجون انظارهم عن الفرقة، ولكن ليس لوقت طويل. تنبعث من جهاز الموسيقى أغنية لفرقة «بلاك آيد بيز»، فينهض أصغر راقصي ال «بريك دانس» في المجموعة ماركوس والدن (15 سنة) المعروف باسم «مستر ويغلز»، وينطلق بين المقاعد، قفزة الى الامام وأخرى الى الوراء... عندئذ يبدأ الناس بالنظر. ثم يأتي دور تاميك ستيل، فيقف على يديه، بهدوء تام، كأنه يؤدي أبسط التمارين في العالم، ثم يمد جسمه أفقياً بموازاة الارض، وكأن حبالاً خفية ترفعه عنها. يصيح والدن مثيراً ذهول الركاب وضحكهم: «اذا كان رجالكن غير قادرين على فعل ذلك فاتركنهم». أما دونت ستيل، ويسمى «ذي بيست يو نو» (الافضل)، فيقفز سبع مرات متتالية الى الامام والى الوراء، على يديه او قدميه، يتقدم ويتراجع ثم يعود الى نقطة البداية، بسرعة يصعب معها تتبع حركات اعضائه. وهو قادر على تجنب الاحتكاك بالركاب الذين يملأون القطار، أو الاصطدام بسقف القاطرة التي يلامسها رأسه. يعلو التصفيق، لكن المترو لم يكن بلغ وجهته. يتعلق اعضاء الفرقة الواحد بالآخر من المعصمين والكاحلين، ويشكل تاميك ودونتي حلقة تبدأ بالدوران وسع القاطرة بين المقاعد، وتتجه الى القطب المعدني في وسط القاطرة، لكنها تتجنبه ببراعة. بعد ذلك ينهض الشابان، ويقدمان التحية لركاب المترو، ويجولان على الركاب مع قبعة لجمع المال. وعندما يتوقف المترو، ينتقل افراد المجموعة الى قاطرة اخرى. تقول كريستي هولز (27 سنة) باعجاب «لم ار في حياتي شيئاً مثل هذا». كل رقصة لها اسمها، لكن الحركات كلها مشتقة من ال «بريك دانس» الذي نشأ في سبعينات القرن الماضي، على أنغام موسيقى الهيب هوب. يقول دونتي ستيل: «تعلمت الرقص في صغري من خلال مشاهدة الآخرين، واجراء التمارين لساعات في مرائب السيارات، والقفز على الاسرة». ويضيف: «بدأت الرقص في القطارات وعمري سبع سنوات، حين كانت اسقف قطارات المترو مزينة برسوم الغرافيتي». دونتي وتاميك قريبان، و «مستر ويغليز» أخ غير شقيق لتاميك، وله شقيق يرقص ايضاً في المترو، وعم يعمل في المجال نفسه، وله فيه برنامجه الخاص. يقول تاميك: «كل افراد عائلتي يفعلون ذلك، وقد دهشت عندما علمت ان ما زال بالامكان جمع المال» عبر الرقص. يكسب كل واحد من اعضاء الفريق نحو مئة أو مئتي دولار يومياً، من خلال القيام بثلاث رحلات ذهاباً واياباً على خط المترو. يقول تاميك: «احياناً اصطدم بالابواب عندما يكون المترو مسرعاً جداً، لكنني لم اصدم البتة احداً من الركاب». بعض الركاب يبقون غير مبالين بهذا العرض، منهم مثلاً رجل يحمل صحيفة يغطي بها وجهه، لكن ذلك لا يجدي طويلاً، فعندما يبدأ «الافضل» في التحليق في فضاء القاطرة، يصعب عدم الالتفات اليه.