لا أهدف من هذا المقال إلى إغضاب المستثمرين في مجال صناعة العشب الاصطناعي، فمن المؤكد أنهم يعرفون أن رزقي ورزقهم وأرزاق العباد والمخلوقات كلها على الله. ولكن الهدف هو إثارة موضوع ملاعب العشب الاصطناعي ومشكلاتها التي بدأنا نتنبه لها أخيراً، لاسيما خلال دورة الخليج الحالية في عدن. تحدث كثيرون عن إيجابيات ملاعب العشب الاصطناعي التي لا نختلف عليها، مثل موضوع أناقة الشكل شبه الدائمة، واقتصاد استخدام مياه الري، والتقليل الشديد في موضوع صيانة الأرضية، وغيرها من الإيجابيات أخرى. ولكن من البديهي أن سلبيات أي شيء جديد لا تظهر إلا بعد استخدامه. وبالنسبة لسلبيات العشب الاصطناعي، فإنها بدأت تظهر جلية، خصوصاً في ما يخص استخدامه في ملاعب كرة القدم، بغض النظر عن استخدامه في حدائق المنازل ومحيطات المسابح وغيرها من الاستخدامات. كثير من لاعبي كرة القدم بدأوا يتذمرون من اللعب فوق أرضيات العشب الاصطناعي، بسبب اختلاف رد فعل الكرة، مقارنة مع رد فعلها عندما ترتطم أو تحتك بأرضية ذات عشب طبيعي، وكل من لعب ويلعب كرة القدم يعرف ما أعنيه. وأيضاً تذمروا من الخدوش التي يتعرضون لها عندما يضطرون للانزلاق على العشب، إذ إن الانزلاق على العشب الطبيعي لا يسبب أي خدوش في الطبقة السطحية للجلد، فالعشب الطبيعي لا يولد حرارة عند الاحتكاك، بل وبصفته ليفاً نباتياً طبيعياً، يلين ويتقطع عند مثل هذه الاحتكاكات، ومن ثم ينبت من جديد خلال أيام قليلة. بينما العشب الاصطناعي وبسبب طبيعته البتروكيماوية (نايلون)، فإنه يولّد حرارة عالية عند الاحتكاك به، وبالتالي يسبب نوعاً من الخدوش تشبه في كثير من الأحيان الحرق. ولو لاحظتم أعزائي أنه خلال مبارايات دورة الخليج الحالية، فستجدون أنه عند تمرير الكرة من لاعب إلى آخر، يوجد خط أسود شبيه بالغبار المثار يخرج من داخل العشب، وهذه المادة السوداء هي عبارة عن مطاط مبشور، تم جلبه من إطارات السيارات التالفة، وتم فرمه وبشره بهذه الطريقة، ومن ثم نثره داخل العشب الصناعي، ليقوم مقام التربة الطبيعية الموجودة في العشب الطبيعي. ونلاحظ تضايق كثير من اللاعبين من ذرات المطاط هذه عندما تلامس جلودهم، وتدخل في عيونهم وشعورهم، وتلتصق بقمصانهم. ولذلك دائماً ما يقتصر استخدام أرضيات العشب الاصطناعي على الملاعب المخصصة للتأجير أو لتمارين الفرق فقط، إذ إن الضغط على هذه الملاعب عادة ما يكون كبيراً، وبالتالي فالعشب الطبيعي سيتلف إذا ما تم اللعب عليه لأكثر من مباراتين أو ثلاث في الأسبوع. ولذلك كان بودي أن يتم ترك منافسات كرة القدم الرسمية بحالها، وعدم إقحام كل ما هو اصطناعي فيها، واليمن السعيد بلد مشهور عن كثير من مناطقه بالخضرة الزاهية، ولذلك استغربت «فرح» مسؤولي تنظيم كأس الخليج بهذا الملعب الاصطناعي، ليس لشيء،إلا لأنني توقّعت منهم وجود ملعبين على الأقل ذوي أرضيات خضراء طبيعية لخوض البطولة الحالية، بدلاً من التباهي بملعب النايلون المحشو بالمطاط، وهذا بكل تأكيد لا يلغي جهودهم العظيمة والكبيرة والمشكورة في ما يخص بقية أوجه تنظيم البطولة. محمد المسحل www.almisehal.net