بات تسارع وتيرة المعدلات القياسية للتضخم في مصر، معضلة تؤرق الحكومة، بعد نفاد صبر المصريين على تردي أحوالهم المعيشية. وبدا واضحاً أن الإجراءات الحكومية لم تحقق أي إنجاز في هذا الملف الشائك. وبالتزامن مع عودة انخفاض سعر الجنيه أمام الدولار خلال الأيام الماضية، أعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أمس، أن معدل التضخم السنوي الأساسي ارتفع إلى 33.1 في المئة الشهر الماضي، بالمقارنة مع 30.86 في المئة في كانون الثاني (يناير). وكان الشهر الماضي شهد ارتفاعاً غير مسبوق في سعر صرف الجنيه، بعد قرار تعويم العملة في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، وهو الأمر الذي لم يحدث تأثيراً كبيراً في أسعار السلع والخدمات التي واصلت ارتفاعها، وسط توقعات بالمزيد من الضغوط التضخمية مع اقتراب شهر رمضان في نهاية أيار (مايو) المقبل، والذي يحقق فيه المصريون معدلات قياسية في الإنفاق على الغذاء. ويعوّل الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي على زيادة المعروض من السلع الغذائية في ضبط الأسعار، وكثيراً ما طالب حكومته بتكثيف الرقابة على الأسواق، لكن على أرض الواقع يبدو أن المسؤولين فقدوا الحيلة، ليواصل التضخم مسيرته الصعودية. ووفق ما أعلنه الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فإن معدل التضخم السنوي في أسعار الطعام والشراب قفز بنسبة 41.7 في المئة الشهر الماضي، مقارنة مع 38.6 في المئة في كانون الثاني، كما واصل معدل التضخم في أسعار الطعام والشراب على أساس شهري ارتفاعه، وسجل الشهر الماضي نسبة ارتفاع ب4.1 في المئة، لكنها أقل منها في كانون الثاني عندما سجلت 7 في المئة، فيما سجل معدل التضخم السنوي في أسعار المستهلكين 31.7 في المئة الشهر الماضي، مقارنة مع 29.6 في المئة في كانون الثاني، وسط توقعات باستمرار الزيادة في أسعار الغذاء خلال الشهور المقبلة، مدفوعةً بارتفاع الطلب خلال الفصح وشم النسيم الشهر المقبل، وبعده في رمضان والأعياد، وهي مواسم استهلاكية. ورأى بنك استثمار «أرقام كابيتال»، في ورقة أصدرها أمس، تعليقاً على بيانات التضخم، أن التضخم الشهري «أصبح أكثر دلالة على الأوضاع»، وعزا أرقام انخفاض معدل التضخم الشهري في شباط إلى 2.7 في المئة، إلى «تراجع سعر الصرف من 18 جنيهاً للدولار في كانون الثاني إلى 15.8 جنيه الشهر الماضي، وعدم وجود أي ضغوط تضخمية ملحوظة في هذا الشهر». لكن البنك توقع أن يظل معدل التضخم السنوي مرتفعاً العام الجاري، ما بين 28 و30 في المئة، على أن ينخفض إلى 15 في المئة في المتوسط السنة المقبلة. كما قدر أن يكون متوسط سعر الدولار ما بين 16 و17 جنيهاً خلال العام وربما أقل، اعتماداً على التدفقات الدولارية وتلاشي دور السوق السوداء للدولار، كما أن البيانات الحديثة عن استثمارات المحافظ المالية وتحويلات العاملين في الخارج، والصادرات، وإيرادات السياحة أظهرت تحسناً تدريجياً، مقارنة بمرحلة ما قبل التعويم، ما يخفف الضغط على سعر الدولار.