تسارعت وتيرة هبوط الجنيه المصري أمام الدولار بشدة أمس، لتصل خسائره في أقل من أسبوع إلى نحو 10 في المئة، وسط إقبال من الأفراد على سحب الدولار من حساباتهم المصرفية. وعزا اقتصاديون ومصرفيون الهبوط إلى ترقب المستثمرين رفع سعر الفائدة الأميركية، إضافة إلى اقتراب شهر رمضان المبارك وزيادة الاستيراد والطلب على العملة الصعبة. وكان الجنيه هوى في شكل حاد بعد تحرير سعر الصرف في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، ليصل الدولار إلى نحو 19 جنيهاً، قبل أن يبدأ استعادة بعض عافيته أواخر كانون الثاني (يناير) الماضي، ليسجل الأسبوع الماضي نحو 15.73 جنيه للدولار في بعض المصارف. ولكنه بدأ هذا الأسبوع التراجع بوتيرة سريعة ليسجل 17.25 جنيه للدولار أمس في المصارف الحكومية، بانخفاض نحو 10 في المئة في أقل من أسبوع وأكثر من 3 في المئة عن مستواه أول من أمس. وقال الخبير في شركة «بلتون» المالية هاني جنينة: «مخزونات بعض الشركات بدأت في النفاد، ولذلك بدأ الطلب يتزايد، إلى جانب اقتراب شهر رمضان المبارك، لكن هذه ليست الأسباب الوحيدة، إذ يتأثر الجنيه بتوقعات رفع الفائدة الأميركية وتسببها في هبوط كل العملات مقابل الدولار». ويحل شهر رمضان أواخر أيار (مايو) المقبل، وعادةً ما يشتري المصريون كميات كبيرة من المواد الغذائية المتنوعة إضافة إلى سلع أخرى خلال الشهر. وقالت رئيسة مجلس الاحتياط الفيديرالي جانيت يلين الأسبوع الماضي إن من المنتظر أن يرفع المجلس أسعار الفائدة الأساس إذا جاءت بيانات الوظائف والتضخم مواتية، وهي تعليقات رأت السوق أنها تعزز خطط رفع الفائدة في الاجتماع الذي سيُعقد منتصف الشهر الجاري. ويدعم رفع الفائدة الدولار ويجعل السلع الأولية المقومة بالعملة الأميركية أكثر كلفة لحائزي العملات الأخرى، بينما يزيد انخفاض الجنيه مقابل الدولار شهية الأسهم المصرية وجاذبيتها في عيون العرب والأجانب، ما ظهر جلياً خلال تعاملات أمس وأول من أمس في استئناف السوق مسارها الصاعد من جديد، بعد سلسلة من التراجعات بفعل ارتفاع الجنيه خلال الأسابيع الأخيرة. وارتفع المؤشر الرئيس لبورصة مصر أمس 0.70 في المئة إلى 12711 نقطة. وصرح مصرفيان إلى وكالة «رويترز» بأن «هناك إقبالاً واضحاً من الزبائن على سحب الدولار من حساباتهم»، بينما أكد متعامل في السوق الموازية أن «هناك حالة من الترقب في السوق حالياً بعد القفزة الكبيرة من قبل المصارف في الأسعار، إذ نعرض الشراء بأسعار بين 17.45 و17.65 جنيه ونختبر البيع بين 18.30 و18.50 جنيه». وانحسر نشاط السوق الموازية للعملة في شكل كبير، بعدما بدأت المصارف المصرية في توفير الدولار للمستوردين عقب تحرير سعر الصرف. وقال محافظ «المركزي» المصري طارق عامر في تصريحات تلفزيونية في شباط (فبراير) الماضي إن من الآثار الإيجابية لتحرير سعر صرف الجنيه تلقي المصارف 13.5 بليون دولار، معظمها من المصريين. وأشار جنينة إلى أن «ما يحدث مع المركزي بعدم التدخل حتى الآن في السوق يؤكد مدى الحرفية التي يتم التعامل بها مع سعر الصرف، ويؤكد للأجانب أن ما حدث لدينا تعويم حقيقي للعملة وليس مصطنعاً».