منذ انتهاء حرب صيف 2006 بين حزب الله وإسرائيل، والتي جلبت لنا انتصارات كرتونية واهية، وحزب الله وآلته الإعلامية يفاجئنا في كل مناسبة سياسية ودينية، وعلى لسان رئيسه حسن نصرالله، بشهادات التخوين والعمالة لكل من يختلف عن أطروحات الحزب، والغريب ما قاله نصرالله من أن دخول بيروت قبل أشهر وعمليات القتل والنهب وإسكات الإعلام هناك التي قامت بها كوادر الحزب هو يوم مجيد للبنانيين. إن ما قام به حزب الله في ذلك الوقت يعبّر عن إرادة ليست بوطنية ولا إسلامية، فأهل بيروت الذين ذبحوا على الهوية هم أكثر وطنية وارتباطاً بتلك البلاد، ولا توجد لهم أجندة خارجة عن القبول الوطني اللبناني. في كل خطابات حسن نصرالله، نجده ينفذ مطالب لبعض القوى الإقليمية، ويحاول ان يبيعها على الجهلة وأنصاف المتعلمين في الشارع العربي على انه هو من يمثّل إرادة الجماهير العربية، وهو من يحرس حدود الوطن العربي، ولكن الشعارات وأوهام النصر التي توزّع من خلال حزب الله، من خلال القنوات العربية وغير العربية الفضائية، لم يكن لها تأثير في ارض الواقع العربي، ولكن هذه الأمة مبتلاة في وقتنا المعاصر بظواهر صوتية، تقلقنا وتبعدنا عن همومنا الحقيقية، وتحاول أن تفرض علينا رؤاها وأجندتها السياسية، كما يفعل حزب الله من انه هو من سيحرر فلسطين نيابة عن الشعوب العربية والإسلامية، ونلاحظ أن حزب الله يرفع من شعاراته الرنانة لتحرير العالم العربي، ويملأ بها الفضاء، في أوقات تتزامن مع التصعيد في معالجة الملف النووي الإيراني، فكلما كان هناك تأزم بين الغرب وإيران بشأن ذلك الملف، نجد حزب الله يصعد خطابه المعادي للغرب ولكل المرتبطين بذلك الغرب، أما إذا قامت إيران بمناورات سياسية للتقرب من واشنطن، وهذا حقها المشروع نجد الماكينة الدعائية لحزب الله تلزم الصمت، ولا توصف ذلك التقارب الإيراني – الأميركي بأنه نوع من التخاذل والارتماء في حضن أميركا. فحزب الله يلعب بشعاراته السياسية، ويغلفها بأنه هو أب الوطنية في لبنان وفي العالم العربي، ولكنه في رأيي أداة زرعت في خاصرة الأمة العربية، لتحقيق وتنفيذ سياسات لبعض القوى الإقليمية، وفي هذا الزمن العربي الذي يعاني من المرض والوهن، تجد بعض هذه القوى الفرصة لخطف عقول وألباب الشعوب العربية، ولكن ذلك لن يستمر طويلاً، خصوصاً أن الإعلام الآن أصبح في متناول الجميع، ليفضح من يتاجرون بالدم العربي، وعلى رأسه الفلسطيني، ويحاولون أن يخلقوا الفوضى في العالم العربي، كما هو ديدن حزب الله، فهو اليوم سيحرر فلسطين، وغداً هو من يطالب الشعب المصري بالثورة على نظامه، وفي الوقت نفسه نجده في الداخل اللبناني، يحرك قواته داخل أحياء بيروت على أساس طائفي، وهو الذي يملأ الدين بخطابه الداعي إلى نبذ الطائفية، وعلى المستوى الدولي نجد الهجوم على الغرب وأميركا، وفي الوقت نفسه يهلل ويفرح عندما تصدر الإشارات والنوايا من بعض العواصمالغربية، لفتح حوار مع حزب الله هل هي لعبة سياسية مغلفة بشعارات دينية، حتى يبيعها على رجل الشارع العربي؟ من تناقضات عداء حزب الله لأميركا، أنه يعاديها كما يدعي في كل مكان إلا في احتلالها لبلد عربي ليس ببعيد عن لبنان إنه العراق، ففي الوقت الذي تعمل القوى العربية الرسمية وغير الرسمية على مجابهة ذلك الاحتلال، والمطالبة المستمرة برحيل القوات المحتلة لذلك البلد العربي، نجد حزب الله لا يتطرق لذلك الوضع، وكأن أميركا واحتلالها للعراق ليست هي التي تحاول أن توقف إيران من امتلاك سلاح نووي في منطقة استرتيجية للعالم. لن نستبق مجريات الأمور بشأن التسريبات التي نشرتها مجلة «دير شبيغل» الألمانية في شأن علاقة حزب الله باغتيال الشهيد رفيق الحريري، ولكن لا اعتقد أن مثل هذه المجلة المعروف عنها الصدقية والرصانة، ستنشر مثل هذه المعلومات من دون التأكد، ولن أقول ان الوضع الداخلي في لبنان خطر، ولا يتحمل مثل هذه الايجابيات عن تلك الجريمة السياسية، لأننا يجب ألا ننتظر من المحكمة الدولية أن تأتي بحكم يرضي الجميع، وكأن الحقيقة تأتي في مرتبة لاحقة، وهذا يجب أن يكون غير مقبول من الجميع. [email protected]