أثار الحكم الذي أصدرته المحكمة العسكرية الإسرائيلية أمس على الجندي إليئور أزاريا، قاتل الشاب الفلسطيني الجريح عبد الفتاح الشريف، بالسجن الفعلي لمدة 18 شهراً، غضباً واسعاً في الشارع الفلسطيني، فيما طالبت عائلة الشهيد الذي أعدمه الجندي وهو ينزف أرضاً، بإحالة الموضوع على المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي باعتبارها جريمة حرب. وكان مصور فلسطيني يعمل متطوعاً لدى منظمة «بتسيلم» الإسرائيلية لحقوق الإنسان، التقط صوراً للجندي وهو يطلق النار على الشاب الذي كان ملقى على الأرض وينزف نتيجة إصابته في وقت سابق برصاص جندي إسرائيلي. وأثار شريط الفيدو ردود فعل واسعة، ما أجبر الجيش الإسرائيلي على محاكمة الجندي القاتل. لكن المحكمة العسكرية التي عقدت في مقر قيادة الجيش الإسرائيلي، دانت الجندي بالقتل «غير المتعمد»، وأصدرت عليه حكماً مخففاً. وقال رئيس دائرة شؤون الأسرى والمحررين الوزير عيسى قراقع ل «الحياة»: «هذه مسخرة»، مضيفاً: «هذا الحكم يظهر العنصرية التي تمارسها المحاكم الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، فلو كان المتهم فلسطينياً، لحكم عليه بالسجن المؤبد، أما اليهودي فيتلقى حكماً مخففاً». واعتبر أن الحكم المخفف سيؤدي الى تشجيع جنود آخرين على إعدام فلسطينيين ميدانياً من دون قلق. وقال: «وقعت عشرات الإعدامات التي لم يجر توثيقها، وتالياً لم يحاكم مرتكبوها، والآن فإن الجنود سيندفعون في شكل أكبر لممارسة القتل الميداني لأنهم باتوا يعلمون أن القضاء سيقف الى صفهم». وأكد أن السلطة ستحيل ملف القضية على المحكمة الجنائية الدولية الى جانب الملفات الأخرى الشبيهة، مشيراً الى أن هذه المحكمة «تنظر في جرائم الحرب التي لا يتلقى مرتكبوها محاكمة في بلادهم، وهذه جريمة حرب، ولم يتلق مرتكبها محاكمة كمجرم حرب، وانما تلقى محاكمة انضباطية». وقال الناطق باسم عائلة الشهيد فتحي الشريف: «العائلة كانت تتوقع مثل هذا الحكم لأنها تعرف من هو الاحتلال وما هي مؤسساته، لكنها لجأت الى القضاء لاستنفاد كل الفرص لإظهار بشاعة الجريمة التي ارتكبت بحق ابنها». وأضاف: «الآن الملف بيد السلطة الفلسطينية للجوء الى القضاء الدولي بعد ظهور انحياز القضاء الإسرائيلي وعنصريته». ووصل الجندي القاتل الى المحكمة برفقة عائلته وأصدقائه وناشطين من أحزاب اليمين المتطرف. وطالب الادعاء العسكري بالسجن الفعلي للجندي ما بين ثلاث الى خمس سنوات، لكن المفاجأة كانت أن الحكم جاء أقل من الحد الأدنى الذي طالب به الادعاء. دعوات الى العفو وفي إسرائيل، لم ينتظر قادة اليمين الإسرائيلي انتهاء جلسة المحكمة ليتسابقوا في إطلاق الدعوات لمنح العفو للجندي عزاريا، وكان على رأسهم زعيم المستوطنين نفتالي بينيت الذي قال أن «أمن مواطنيّ يستوجب عفواً فورياً لعزاريا»، معتبراً إجراءات محاكمته «ملوثة من أساسها» ومضيفاً أن بقاءه في السجن «سيكلفنا جميعاً ثمناً باهظاً». كذلك وجه نائب رئيس أركان الجيش سابقاً وزير البناء والإسكان من حزب «كلنا» يوآف غالنت نداءً مماثلاً»، وقالت الوزيرة ميري ريغف من «ليكود» إنه يحظر أن يمضي الجندي يوماً واحداً في السجن، كما أعرب زعيم حزب وسط اليمين يئير لبيد عن أمله بأن يدرس قادة الجندي المُدان إمكان منحه العفو، فيما دعا وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان إلى احترام قرار المحكمة «مع الأخذ بالاعتبار أننا من جهة بصدد جندي متفوق، ومن جهة أخرى مخرب جاء ليقتل يهوداً». وردت زعيمة حزب «ميرتس» اليساري النائب زهافه غالؤون على هذه الدعوات بالقول إنها «تحقير لقرار المحكمة»، وأعلنت دعمها المحكمة «التي اهتمت بسلّم القيم وطهارة السلاح وأخلاقيات القتال». واعتبر النائب من «القائمة المشتركة» أستاذ القانون يوسف جبارين أن الحكم على الجندي بالسجن 18 شهراً لا يعكس خطورة العمل و «ينقل رسالة صعبة تقول إن دم الفلسطيني مستباح، وأنه طبقاً للثقافة القيمية للجيش وللدولة اليهودية، فإن قتل الفلسطيني ليس جريمة». يذكر أن الحصول على العفو يحتم تقديم طلب تفصيلي من الجندي إلى رئيس الدولة، كذلك يجب أن تؤخذ في الاعتبار مواقف المدعي العسكري العام ورئيس هيئة أركان الجيش وقائد القوى البشرية في الجيش ووزير الأمن الداخلي، من هذا الطلب. وكان رئيس الدولة رؤوفين ريبلين أكد وجوب سماع رأي قيادة الجيش، وعلى رأسها رئيس هيئة أركان الجيش. إطلاق الصحافي نزال ويأتي الحكم المخفف على الجندي في وقت أعلن الصحافي عمر نزال الذي أفرجت عنه السلطات الإسرائيلية أول من أمس بعد اعتقال إداري دام نحو 11 شهراً، أن السلطات لم توجه له أي تهم جدية تستحق اعتقاله، بل جاء اعتقاله بناء على عمله الصحافي. وكانت سلطات الاحتلال اعتقلت نزال (55 عاماً) في 23 نيسان (ابريل) الماضي، خلال سفره إلى البوسنة للمشاركة في أعمال مؤتمر الاتحاد الأوروبي للصحافيين. وقال نزال في مؤتمر صحافي في مقر نقابة الصحافيين في رام الله، ان المحاكم العسكرية الإسرائيلية مددت اعتقاله ثلاث مرات من دون تقديم تهم جدية ضده، مشيراً الى أن السبب الحقيقي لاعتقاله هو عمله الصحافي.