أوصت ورشة عمل «فايروس متلازمة الشرق الأوسط بين التحديات الراهنة والمستقبل المأمول» التي نظمتها كلية الطب البيطري أخيراً، بضرورة متابعة التغيرات التي تطرأ على الشفرة الوراثية لفايروس «كورونا» لتلافي ظهور عثرات شديدة الضراوة على صحة الإنسان والحيوان في المستقبل، وتوصيف الصورة الإكلينيكية والصفة التشريحية وكذلك القدرة (الإمراضية) للفايروس في الإبل بصورة دقيقة لأنه لم يتم توثيقها حتى الآن، والتعرف على الطرق الحقيقية المختلفة وآليات انتقال فايروس الميرس من الإبل للإنسان لتقليل المخاطر المحتملة للإنسان. وشدد مدير جامعة الملك فيصل الدكتور عبدالعزيز الساعاتي، على أن تعزيز مفهوم الشراكة المجتمعية وخدمة الوطن والمواطن من محور الخطة الاستراتيجية للجامعة، إذ سخرت الجامعة كل طاقاتها وكوادرها لملامسة المشكلات والتحديات التي تواجه المجتمع في كل المجالات وعلى رأسها مجال الصحة العامة، ومن هذا المنطلق وتعزيزاً لمبدأ الصحة الواحدة للإنسان والحيوان فقد أولت الجامعة الأهمية الكبرى لمواجهة الأمراض الوافدة، وبخاصة تلك المتناقلة بين الإنسان والحيوان لما تمثله من تحدٍ كبير للصحة العامة البشرية والبيطرية. بدوره، أوضح عميد كلية الطب البيطري الدكتور ثنيان الثنيان، أن كلية الطب البيطري دأبت على مدى 40 عاماً على تقديم الكثير من الإنجازات في مجالات شتى لخدمة المجتمع، وذلك من خلال إمداد المجتمع المحلي والإقليمي بالطبيب البيطري المؤهل علمياً ومهنياً للنهوض بالثروة الحيوانية بقطاعاتها المختلفة، إذ لا تقتصر مهمته على الاهتمام بصحة الحيوان بل تتعداها إلى كونه يمثل خط الدفاع الأول عن صحة الإنسان من خلال العمل على سلامة غذائه، ناهيك عن التصدي للأمراض المشتركة المتناقلة بين الإنسان والحيوان. وخرجت الورشة بعدد من التوصيات الخاصة بفايروس متلازمة الشرق الأوسط للجهاز التنفسي (ميرس)، منها الكشف عن الأدوار التي تلعبها إفرازات وفضلات الإبل في نقل فايروس الميرس من الإبل للإنسان، واستمرار إجراء الدراسات المستفيضة عن دور منتجات الألبان ولحوم الإبل في انتقال فايروس الميرس، علماً بأنه لم يثبت علمياً حتى الآن انتقال الفايروس من خلال استهلاك لحوم أو ألبان الإبل المصابة بالفايروس بطرق مباشرة حتى الآن طبقاً لآخر ما تم التوصل إليه من أبحاث في هذا المجال، ومع ذلك ينصح بغلي اللبن غلياً جيداً، وكذلك طهي اللحوم طهياً جيداً قبل تناولها. وشددت على ضرورة التطبيق الصارم لاحتياطات السلامة الحيوية أثناء التعامل مع الإبل وبخاصة المصابة بفايروس الميرس، بخاصة الأشخاص الأكثر تعرضاً للإبل مثل الأطباء البيطريين والعاملين في المسالخ ومربي الإبل وغيرهم، وعدم السماح للأشخاص المصابين بأمراض مزمنة وكذلك أمراض نقص المناعة بمخالطة الإبل بصفة عامة والمفرزة لفايروس الميرس بصفة خاصة. وطالبت الورشة باختبار كفاءة العديد من اللقاحات المنتجة بوساطة المجموعات البحثية الدولية المختلفة في الإبل للوقوف على قدرتها على حماية الإبل من الإصابة بالفايروس، وتطعيم الإبل الصغيرة ضد فايروس الميرس قد يقلل من إفراز الفايروس في البيئة مما يقلل من احتمال إصابة البشر بهذا الفايروس. وأكدت التوصيات ضرورة تعزيز وتكثيف الأبحاث حول الجهاز المناعي للإبل، ودراسة الاستراتيجيات المناعية التي تتميز بها الإبل بخاصة كبيرة السن لتفادي الإصابة بفايروس الميرس، وتطوير طرق تشخيصية معملية وأخرى حقلية بالمقايسة سريعة وحساسة ودقيقة لفايروس الميرس، ودرس الأدوار المحتملة لبعض الحيوانات الأخرى بخلاف الإبل في دورة حياة وانتقال فايروس الميرس، وتطبيق إجراءات الحجر البيطري الصارمة لقطعان الإبل التي تثبت إصابتها معملياً بفايروس الميرس ولا يسمح لها بالخروج من منطقة الحجر إلا بعد التأكد من توقف إفرازها للفيروس معملياً من خلال عينتين سلبيتين متتاليتين خلال فترة أسبوعين أو ثلاثة منذ بداية إفرازها للفيروس. ودعت إلى هيكلة وإعادة النظر في أماكن حظائر وأسواق الإبل حول المدن الكبرى والتجمعات السكنية الكبيرة بحيث يتم وضعها في أماكن خارج الكتل السكنية وبعيداً عن التجمعات البشرية بمسافات مناسبة، وإجراء الفحوص الإكلينيكية والمعملية اللازمة للإبل المستوردة من خارج المملكة حال دخولها المملكة في الموانئ المختلفة، والحيوانات التي تفرز الفايروس يجب حجرها كما هو مبين أعلاه مع تطبيق الإجراءات الصحية اللازمة. كما أوصت بإنشاء برامج تدريبية متخصصة للوبائيات الحقلية والاستقصاء الوبائي لتدريب الأطباء البيطريين وذلك بالتعاون مع الجهات المعنية، ويهدف هذا البرنامج إلى دعم وتطوير الجهود الوقائية ضد الأمراض الطارئة والمشتركة بين الإنسان والحيوان، وعقد دورات تدريبية قصيرة المدى في مجال مكافحة الأوبئة والنقص الوبائي للأمراض الحيوانية يقدم للأطباء البيطريين والمساعدين البيطريين والعاملين في مجال الثروة الحيوانية على مستوى المملكة، وكذلك في دول مجلس التعاون الخليجي عند الطلب. وحثت على تعزيز مفهوم الصحة الواحدة لتطوير المعرفة والتوعية بالأمراض الوافدة والطارئة، ودعم وتمويل الأبحاث في مجال الأمراض الطارئة والمتناقلة بين الإنسان والحيوان، ودرس تأثير التغيرات المناخية على طبيعة ظهور وانتشار بعض الأمراض وبخاصة التي تنتقل بين الإنسان والحيوان. وحضت على إجراء بحوث مكثفة في مجال العوائل الناقلة للأمراض الفايروسية مثل البعوض والذباب والقراد ودعم وتمويل مثل هذه البحوث، والإعداد لمؤتمر دولي يتم فيه دعوة نخبة من الخبراء العالميين والمحليين لمتابعة التطور البحثي في مجال الأمراض الفايروسية الطارئة والمتناقلة بين الإنسان والحيوان.