شددت وزارة الصحة على أن توقع تاريخ محدد لإيجاد لقاح لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية «كورونا» لا يعدو عن كونه مجرد فرقعات إعلامية. وأوضح وكيل وزارة الصحة للصحة العامة الدكتور عبدالعزيز بن سعيد خلال «المؤتمر العالمي لأبحاث لقاح كورونا» في الرياض أمس (السبت) «أن الهدف من المؤتمر بذل الجهود للبحث عن لقاح لمكافحة الفايروس، بيد أنه لا يمكننا ضمان النتائج، ولا يمكن التنبؤ بتاريخ محدد لإيجاد اللقاح»، مضيفاً أن «أي حديث عن ذلك لا يعدو عن كونه فرقعة إعلامية»، مستشهداً بأن إنتاج لقاح لمكافحة إيبولا تم أخيراً على رغم أن الفيروس بدأ في الظهور قبل 40 عاماً، و«سارس» الذي ظهر في 2003 لا يوجد أي لقاح له حتى الآن. وأكد أن المملكة ممثلة بوزارة الصحة تبنت قيادة اتحاد عالمي بين علماء وباحثين من دول عدة لتطوير لقاح للقضاء على كورونا، مبني على أساس علمي، وسوف يكون هناك لقاء آخر مطلع كانون الأول (ديسمبر) المقبل تستضيفه منظمة الصحة العالمية في جنيف بمشاركة وفد من السعودية، مبيناً أن وجود العلماء وتقويم الأبحاث من متخصصين سوف يؤدي إلى ثقة الداعمين الماليين في أن الجهود تسير بطريقة علمية مفيدة. وعن موازنة المشروع أوضح أن «الأرقام ليست نهائية، ونحن نعمل على معرفة التصور العام، ولن يكون هناك مشكلة مالية بسبب وجود الرغبة من الحكومة السعودية ومن دول العالم الأخرى في إكمال البحوث العلمية في هذا المجال». وأشار إلى أن «وزارة الصحة ليست المسؤولة الوحيدة عن مكافحة الفايروس، ويجب أن تكون هناك مشاركة مع جميع مقدمي الخدمات الصحية في المملكة، والجهات الأخرى كوزارتي الزراعة والشؤون البلدية والقروية والمؤسسات الإعلامية، ومشاركة مجتمعية تشمل المواطنين الذين يجب أن ينظر إليهم كشركاء». وقال «إن دور الوزارة هو توعية المواطنين، ويجب عليهم الالتزام بما تقدمه»، مضيفاً أن «الوزارة قامت بتغيير رسالتها إلى المجتمع، وخصوصاً ملاك الإبل خلال الأشهر الأربعة الماضية بعد فشلها». ولفت إلى أن «اللغة العلمية التي استخدمتها الوزارة لم تحقق الهدف، ما دعا إلى تغيير الاستراتيجية سعياً للوصول إلى أكبر شريحة ممكنة وإقناعهم بفحوى الرسالة». وجدد التشديد على أن «جهود الوزارة في هذا الشأن ليست متأخرة كما يعتقد البعض، لأن وجود اللقاح يستند على ضرورة وجود معلومات وبائية لدى العلماء، وعلى رغم أن الأبحاث التي أجريت في وقت سابق كانت ضعيفة وقليلة إلا أنها تعتبر بداية جيدة تمثل خطوات لا بد منها». وعن علاقة الفايروس بالإبل أكّد بن سعيد أن «هذا الأمر محسوم وتم تجاوزه، ويجب أن نعترف بأن الإبل هي المصدر»، مضيفاً أن «الدلائل الوبائية تشير إلى أن الإبل هي ناقل كورونا إلى الإنسان». وكشف أن «الدراسات المخبرية عزلت الفايروس ذاته من الإنسان والإبل ولم تعزله من أي حيوان آخر، باستثناء عزل جزء منه من أحد أنواع الخفافيش»، لافتاً إلى أن «الدراسات الجينية تشير إلى تطابق جيني، كما أن رفض البعض لحقيقة أن الإبل هي الناقل للفايروس ليست رفضاً من جهة علمية بل من ملاك الإبل، ولا يلامون في ذلك بسبب عدم وضوح رسالة الوزارة لهم». وقال إن «الوزارة تجاوزت عدداً من الصعوبات بتأسيس مركز القيادة والتحكم، وإنشاء مراكز فرعية في عدد من المناطق»، مشيراً إلى أنه «في بداية 2014 كانت كل حالة إصابة بكورونا في المجتمع يقابلها تسعة حالات في القطاع الصحي، ما يدل على أن مكافحة العدوى كانت غير فعالة في ذلك الوقت، فيما تقلصت النسبة في العام الحالي إلى حالة في المستشفيات في مقابل كل حالة مجتمعية». وأشار إلى أن «هناك تناقصاً في أعداد المستشفيات التابعة للوزارة التي تفشى فيها الفايروس من ستة مستشفيات عام 2014 إلى مستشفى واحد فقط في العام الحالي، فيما لا تزال المستشفيات خارج نطاق وزارة الصحة بالعدد ذاته، والمركز الآن يعمل بطريقة وطنية، ونتعاون مع جميع مزودي الخدمة». وأوضح وكيل وزارة الصحة للصحة العامة أن «لا وجود لعوامل انتقال الكوليرا في المملكة ودول الخليج ، إذ أنه ينتقل بين الأفراد في الدول ذات البنية التحتية السيئة»، مستدركاً بأنه «من المحتمل أن تصل حالات مصابة من طريق الزوار كما حصل في عدد من الدول المجاورة، بيد أنه ومن خلال تواصلنا مع منظمة الصحة العالمية لا يمثل ذلك وباء على المستوى الإقليمي كما يتردد». جامعة الملك سعود: الإبل مصدر رئيس ل«كورونا» أيّدت اللجنة العلمية للأوبئة في كلية الطب في جامعة الملك سعود نتائج الأدلة العلمية التي أكدت أن الإبل هي المصدر الرئيس لمرض متلازمة الفايروس التاجي التنفسي الشرق أوسطي «كورونا» (MERS-COV)، مبينة أن العديد من الدراسات العلمية الحديثة رصدت تطابق الفايروس المعزول من المرضى المصابين بهذا الفايروس مع الفايروس المعزول من الإبل الذين تربطهم بها علاقة جغرافية. وقالت اللجنة: «إنه على رغم أن بعض المرضى المصابين بفايروس «كورونا» لم يسبق تعرضهم للإبل، إلا أن الطرق الأخرى غير المباشرة بالإبل لم يتم استثناؤها بشكل دقيق، وهي طرق التعرض للإبل من خلال تناول حليب الإبل غير المبستر أو التعرض لشخص آخر تعرض للإبل ولم تكن أعراض المرض ظاهرة عليه. مؤكدة محدودية الدراسات التي تستثني وجود حيوانات أخرى قد تكون وسيطة لنقل المرض من الإبل إلى الإنسان في الحالات التي لم يثبت فيها تعرض المريض للإبل، مشيرة إلى أنه لم يتم عزل فايروس (MERS-COV) من أي من المواشي الأخرى مثل: الأبقار، والماعز، والأغنام. وتضمن بيان اللجنة عرض نتائج دراسة حديثة أجراها الدكتور عبدالعزيز العقيلي من جامعة الملك سعود، بينت أن معدل الإصابة بمتلازمة الفايروس أعلى في الكبار من الإبل منه في حديثي الولادة، وأن 95 في المئة من الإبل التي أكبر من سنتين من العمر إيجابية من طريق اختبار المصل بالمقارنة مع 55 في المئة من الإبل التي يقل عمرها عن سنتين. ووجدت الدراسة أن عينات الأنف والمستقيم إيجابية لفايروس (MERS-COV) بواسطة التحليل الجزئي للكشف عن الحمض النووي (PCR)، إذ كان معدل وجود الفايروس في الجهاز التنفسي والإخراجي 35 في المئة في الجمل أقل من سنتين، بينما 15 في المئة في الإبل الأكبر من سنتين، وأفادت أن الإصابة في هذه الإبل يحصل في سن باكرة في الحياة، كما يدل على أن الإصابة في المرضى إذا حصلت نتيجة للتعرض للإبل فإن المصدر الرئيس للعدوى ستكون الإبل الأصغر سناً. وأفادت أنه تم أخيراً إجراء دراسة لتحديد مدى وجود فايروس «كورونا» في سوائل وإفرازات الإبل المختلفة في إحدى أسواق الإبل في دولة خليجية، ووجد أن 59 في المئة من سوائل الغشاء المخاطي كانت إيجابية لفايروس «كورونا» بواسطة التحليل الجزئي، وثبتت الإصابة بالمرض في حالتين مرتبطة جغرافياً أو مخالطة لهذه الإبل. وذكرت اللجنة في كلية الطب في جامعة الملك سعود أن الفحص الدقيق للتسلسل الجيني للفايروس يمكن المتابع الطبي من التفريق بين عزلات هذا الفايروس من المناطق المختلفة، مشيرة إلى أن الدراسات أثبتت أن عزلات الفايروس من المرضى المصابين تتطابق في تسلسلها الجيني مع عزلات هذا الفايروس من الإبل في المنطقة التي أصيب فيها المريض. وتداخل مع بيان اللجنة الدكتور طارق مدني من جامعة الملك عبدالعزيز الذي أجرى أخيراً دراسة لتحديد عوامل الخطورة التي تسبق الإصابة بفايروس «كورونا»، واستنتج من خلالها أن التعرض للإبل خلال الأسبوعين الأولى من قبل ظهور أعراض المرض يعد أحد عوامل الخطر المستقلة للإصابة بالفايروس. كما نقلت اللجنة العلمية عن دراسات علمية تأكيدها وجود علاقة طردية بين نسبة إيجابية اختيار المصل ودرجة التعرض للإبل، بلغت نسبته في عامة الناس 0.15 في المئة، و2.3 في المئة في رعاة الإبل، في حين كانت النسبة أعلى 3.6 في المئة في الجزارين. وقالت اللجنة إن دراسات علمية مستفيضة لاحظت في السنوات الثلاث الأخيرة زيادة عدد حالات الإصابة بمرض متلازمة الفايروس التاجي التنفسي الشرق أوسطي في شهور معينة من السنة، وهي شهر نيسان (أبريل) وأيار (مايو) من السنة الميلادية، خصوصاً الحالات القادمة من المجتمع، بينما الحالات الظاهرة في المستشفيات تكون في أشهر متأخرة من السنة، وهي من أيلول (سبتمبر) إلى تشرين الأول (نوفمبر)، كما لاحظت أن زيادة عدد حالات الإصابة بالفايروس من المجتمع يتوافق مع موسم التوالد في الإبل. وأضافت أنه في دراسة أخرى جرى عزل فايروس ((MERS-COV) من مصابين بالفايروس من دون ظهور أعراض المرض بعد مخالطة الإبل في إحدى الدول الخليجية، ما يؤكد أن هؤلاء الأشخاص قد يشكلون مصدراً للعدوى في المرضى الذين لم يسبق تعرضهم للإبل من قبل. وبينت في ذلك السياق أن الدراسة الحقلية المستفيضة مهمة جداً، خصوصاً في الحالات المصابة التي لم يثبت تعرضها للإبل، لدراسة العوامل الاجتماعية والبيئية المؤثرة، وإنه إذا أخذت كل البراهين المستخلصة من الدراسات الحقلية المتوفرة والفحوصات المخبرية المصلية والجينية منها، فإن كلها تشير إلى أن الإبل هي الأقرب لتكون الحاملة لمرض متلازمة الفايروس التاجي الشرق أوسطية. وشدّدت على أن الموضوع يحتاج إلى دراسات أخرى لمعرفة ما إذا كان الفايروس كان قادراً على إصابة الإنسان قبل 2012 من طريق فحص العينات المخزنة قبل هذا التاريخ، بهدف دراسة الطفرات الجينية إن وجدت، وهل كان لها دور في تمكين الفايروس من إصابة الإنسان.