أوصى المشاركون في مؤتمر مكةالمكرمة ال 11، الذي عقدته الأمانة العامة لرابطة العالم الإسلامي بعنوان «التحديات الإعلامية في عصر العولمة» في مكةالمكرمة، واختتم أعماله أمس بالسعي إلى تنشيط حراك المسلمين في مجتمع المعرفة للدفاع عن أنفسهم، وتصحيح الصورة المغلوطة عن الإسلام والمسلمين، وتقديم صورة حقيقية عن الثقافة والحضارة الإسلامية في شتّى مجالاتها، ورصد الحملات الإعلامية على الإسلام وتحليلها وبحث دوافعها ومراميها، إضافة إلى وضع استراتيجيات مناسبة للتصدي لها، وتشجيع المسلمين على استخدام تقنيات الاتصال بأنواعها، لما لها من تأثيرات عميقة في الرأي العام العالمي، وضرورة التنسيق بين المؤسسات والمنظمات الإسلامية الإعلامية وفق استراتيجية موحدة. ودعا المشاركون إلى إنشاء اتحادات وجمعيات ينضوي في إطارها العاملون في مجال الإعلام، بقصد التعاون والتواصل بينهم وتبادل الخبرات والمعلومات، وتنشيط الهيئة الإسلامية العالمية للإعلام التابعة لرابطة العالم الإسلامي للقيام بمهماتها، وفي مقدمها تنسيق الجهود، ووضع برامج وخطط للعمل المشترك ودعم وتشجيع المجتمعات الإسلامية في الغرب على إنشاء صحف ومجلات وقنوات فضائية باللغات الأجنبية لتحسين صورة الإسلام، والتعريف بمبادئه وقيمه والدعوة إليه والرد على محاولات التشويه، وربط قنوات الاتصال مع الصحافيين والمفكرين والأساتذة الجامعيين المقيمين في الغرب، وحضهم على توظيف منابرهم الإعلامية في خدمة قضايا الأمة المسلمة. كما دعا المؤتمر الجاليات المسلمة في الغرب إلى تعميق جسور الحوار الثقافي والحضاري مع المؤسسات الإعلامية والثقافية الغربية، بما يمكن من ترسيخ قيم مشتركة للتفاهم والتعايش والاحترام المتبادل، منوهين بخطوات بعض الدول الإسلامية في الاستفادة من التقنية الحديثة، ومطالبة الدول والمنظمات الإسلامية بمتابعة التطورات في هذا المجال، كي لا تزداد الهوة مع الآخرين والبقاء على التقنية الإعلامية التقليدية. وحض المؤتمر الهيئات والمنظمات والجمعيات الإسلامية على العناية بتخطيط برامجها الإعلامية وإدارة مواردها البشرية والمادية بكفاية تناسب رسالتها والأهداف، التي أسست من أجلها والموازنة بين الاتصال الإعلامي والاتصال المؤسسي والاتصال المباشر عبر الكيانات والمناشط المجتمعية، ودعوة المؤسسات الإعلامية في العالم الإسلامي إلى حصر ما في المكتبات ودور الوثائق والأرشيف ونقلها وتحويلها إلى أرشيف رقمي وإيداعها في سياق الشبكات والمكتبات والمواقع الإلكترونية والافتراضية لإتاحتها لمن يريد الاطلاع عليها مع الاهتمام بترجمة الوثائق المهمة. ودعا المؤتمر إلى العمل على البناء المعرفي والتربوي للقائمين على الإعلام، باعتبار أن التطور الذي يشهده العالم في التقنية الإعلامية لا بد أن يسانده تطور في القوى الإعلامية التي تستطيع استيعاب التقنية وتطبيقها في الممارسة اليومية وفي الوسائط المتعددة، ما يقتضي استمرار التدريب والتطوير في المؤسسات الصحافية والإعلامية، وتزويدها بالأجهزة والمعدات الجديدة التي تمكنها من القيام بأعبائها، وإنشاء مراكز ومعاهد التدريب، وأن تركز على الجانب العملي والتطبيقي وضرورة مسايرة التقدم التقني المطرد في وسائل الإعلام والاتصال لتأهيل نخب إعلامية مسلمة تقوم بواجبها الدعوي من خلال الإعلام والارتقاء بوعي الأسرة وترشيد التعامل مع وسائل الإعلام والاهتمام بإجراء بحوث علمية حديثة تُعنى بفرز استخدامات الأسرة لشبكة الإنترنت عموماً وحياتها بالمجتمعات الافتراضية خصوصاً وبيان مدى سلامتها ومشروعيتها. وطالبت التوصيات بضرورة درس الفوائد والأضرار المترتبة عليها، وتعيين سبل الاستفادة مما توفره هذه التكنولوجيا من مجالات وتطبيقات وإمكانات هائلة وتوظيفها لخدمة الترابط العائلي والاتصال الأسري، وبناء العلاقات الاجتماعية السوية، إضافة إلى إعادة النظر في مناهج كليات الإعلام وأقسام الدراسات الإعلامية في العالم الإسلامي بما يتجاوز فلك المدارس القديمة للإعلام وتوفير المعامل والمعدات التي يحتاج إليها الطالب لتطبيق ما يتلقى من نظريات وبما يتيح تعامل المتخرجين مع ما ينتجه العالم اليوم من مخرجات تقنية إعلامية وإدخال مادة التربية الإعلامية في المناهج الدراسية في التعليم ما قبل الجامعي تتضمن برامج ومشاريع موازية، تهتم بترقية التحصين الذاتي للطلاب وتحسين العلاقات الأسرية والتفاعل السوِي بين الأفراد وتطوير علاقات الثقة بين الأبناء وذويهم. وأكد المؤتمر حق العالم الإسلامي في الفضاء الخارجي ودعوة دوله لتضافر جهودها في صناعة الأقمار الاصطناعية وتغيير السياسات الإعلامية بما يفضي إلى الاعتماد على النفس في إنتاج مدخلات التقنية الإعلامية وألا يكون العالم الإسلامي مستورداً للمنتجات الإعلامية والاتصالية وسوقاً رائجة ومربحة للمنتج الغربي بل عليه أن يكون منتجاً لحاجاته ومصدراً للفائض منها إلى الأسواق الأخرى. ودعا إلى عقد لقاءات مباشرة مع الجهات الإعلامية ذات الثقل والنفوذ في البلدان الغربية بهدف إيضاح حقائق الإسلام، والسعي إلى تغيير وتعديل الصورة النمطية عن الإسلام والمسلمين في الإعلام الغربي، وإنتاج مواد وبرامج إعلامية تعريفية للمناسك والفرائض وبالقيم الناظمة لمسار المجتمع وحراكه الحضاري وللتعريف بالمقدسات والحض على الحفاظ عليها. وطالب المؤتمر أن تتجنب الرسالة الإعلامية أطروحات الغلو أو التيئيس والإحباط، والسعي إلى توطين التقنية الإعلامية باستقطاب العلماء المسلمين وتوفير بيئة البحث العلمي في الجامعات والمعاهد التقنية ومراكز البحث والشركات الكبرى وإقامة المصانع المنتجة لأدوات ووسائل التقنية الإعلامية بالشراكة مع المستثمرين من الدول المتقدمة أو بتفويض من الشركات العالمية والسعي لإنشاء مؤسسات للصناعة الإعلامية الثقيلة كالأقمار الإصطناعية ومركبات ومنصات للإطلاق، إضافة إلى معدات البث والشبكات الأرضية والكوابل المحورية والألياف الضوئية، وتشجيع الاستثمار في قطاع تقنية الإعلام بحيث تتحقق الفائدة المرجوة للمستثمر ثم للبلد المعني الذي يضمن توفير حاجاته في مجال التقنية الإعلامية وبالمواصفات والشروط التي تناسبه، والعمل على توفير حاجات المجتمع الإعلامي من المعدات والآلات كأجهزة الاستقبال للراديو والتلفزيون والحاسوب والهاتف المحمول. كما دعا إلى العمل من أجل سد الفجوة الرقمية والتعاون بين رابطة العالم الإسلامي ووزارات الإعلام والثقافة في العالم الإسلامي وفي مقدمها وزارة الإعلام والثقافة في المملكة العربية السعودية. وطلب المشاركون في المؤتمر رفع برقية شكر وتقدير إلى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز على رعايته المؤتمر وجهوده في خدمة قضايا الإسلام والمسلمين وإلى ولي العهد الأمير سلطان بن عبدالعزيز والنائب الثاني الأمير نايف بن عبدالعزيز على دعمهما الإعلام الإسلامي.