شهدت وزارة الداخلية السعودية تطوراً كبيراً في العمليات الاستباقية، خلال السنوات الماضية، حقق للمملكة أمنا عالياً جعلها ضمن أكثر الدول أمناً في العالم، وعلى رغم أنها من أكثر الدول تضرراً من الإرهاب، الذي جعلها هدفاً رئيساً لعملياته ومخططاته طوال سنوات، إدراكاً من التنظيمات الإرهابية لما للمملكة من دور ريادي في قيادة الأمة الإسلامية، ومكانتها الكبيرة الإقليمية والدولية، سياسياً واقتصادياً ودينياً. ويكشف السرد التاريخي للإرهاب في المملكة، والعمليات التي نفذت وطاولت الأبرياء في مواقع مختلفة، التاريخ الأسود لهذا الشر ومراحل الفكر الإرهابي، فعلى رغم تغير قياداته ونوعية عملياته على مدى السنوات الماضية، فإن القاسم المشترك والهدف الرئيس له بقي ثابتاً، وهو العمل على زعزعة أمن المملكة واستقرارها، واستهداف المجتمع السعودي بعملياته الإجرامية، التي عانى منها، والتي لا تفرق بين صغير وكبير، مواطن أو مستأمن، يعيشون على أرضها. ومرت العمليات الإرهابية في المملكة بعدد من المراحل والتحولات، إلا أن مرحلة بداية التكوين الفكري التكفيري للارهاب والانتقال من مرحلة التخطيط والإعداد والتجهيز إلى التنفيذ واستغلال الظروف السياسية في المنطقة هي المرحلة الأصعب، ابتداء من الأماكن العامة والحساسة، بعدد من العمليات الإرهابية التي كانت تستهدف الوطن والمواطنين، وطاولت حتى المساجد، في تحول نوعي لمخططات الإرهاب الذي لا يعترف إلا بلغة الدم والقتل وترويع الآمنين. وحققت وزارة الداخلية في عملياتها منذ بداية 2017 نجاحاً باهراً ودحراً قوياً لهذه المنظمات الإرهابية العابثة، سواء أكانت تستهدف شباب المملكة، من محاولات إدخال المخدرات بأنواعها، أم بالعمليات الإرهابية التي كانت موجهة ضد المملكة. إذ استفتحت وزارة الداخلية عامها الجديد برصد مكان وجود المطلوب الخطر طايع بن سالم بن يسلم الصيعري «لدوره الخطر في تصنيع أحزمة ناسفة نُفِّذ بها عدد من الجرائم الإرهابية»، مختبئاً في منزل يقع بحي الياسمين في الرياض ومعه شخص آخر، وهو طلال بن سمران الصاعدي، واتخاذهما ذلك المنزل «وكراً إرهابياً لتصنيع المواد المتفجرة، من أحزمة وعبوات ناسفة»، وتمكنت الداخلية من الظفر بهما، إذ تم تدريبهما في «داعش» لتنفيذ عملياتهم التي كانت منها عملية استهداف المصلين في مسجد قوة الطوارئ بعسير، والعمليتان اللتان جرى إحباطهما، الأولى في المواقف التابعة لمستشفى سليمان فقيه، فيما استهدفت الثانية المسجد النبوي الشريف. وقبض بعدها على المطلوب حسين الفرج، المتورط في عدد من الجرائم الإرهابية. وفي الشهر ذاته أيضاً استيقظت جدة على مداهمة وكرين لخلية إرهابية في شكل متزامن، الأول في استراحة بحي الحرازات، والثاني في شقة بحي النسيم، إذ طوقت وزارة الداخلية المواقع المجاورة لها، وبادر من فيها، وهما شخصان بإطلاق النار في شكل كثيف على رجال الأمن، ولم يستجيبا لكل النداءات التي وجهت إليهما بتسليم نفسيهما، ما اقتضى الرد عليهما بالمثل. وحينما يئسا من القدرة على الإفلات من قبضة رجال الأمن، أقدما على تفجير نفسيهما بواسطة أحزمة ناسفة، ما أدى إلى تطاير أشلائهما في موقع الاستراحة، مع انفجار المعمل الذي بداخلها، فيما لم يصب أحد من الموجودين بجوار موقعها، الذي تم تأمينه قبل المداهمة، أو أحد من المارة أو رجال الأمن. وآخر العمليات، ألقت القبض على خلية إرهابية، من خلال متابعتها المستمرة لأنشطة الفئة الضالة وإحباط مخططاتهم الإرهابية الساعية للنيل من أمن المملكة واستقرارها، فتمكنت الجهات الأمنية في عمليات استباقية بدأت السبت 14-5-1438ه من الإطاحة بأربع خلايا عنقودية إرهابية، في أربع مناطق: «مكةالمكرمة، والمدينة المنورة، والرياض، والقصيم»، نشط عناصرها في أدوار متنوعة، كتوفير مأوى للمطلوبين أمنياً، ومنهم طايع بن سالم بن يسلم الصيعري، الذي قتل في مداهمة وكر إرهابي بحي الياسمين بتاريخ4-9 - 1438 ه، والانتحاريان اللذان فجرا نفسيهما باستراحة الحرازات بمحافظة جدة «خالد غازي حسين السرواني، ونادي مرزوق خلف المضياني العنزي، سعوديا الجنسية، بتاريخ 23-4-1438ه، واختيار ورصد الأهداف وتمريرها للتنظيم في الخارج، والدعاية والترويج للفكر الضال لتنظيم «داعش» الإرهابي في شبكة الإنترنت، وتجنيد أشخاص لمصلحة التنظيم، والتحريض على المشاركة في القتال بمناطق الصراع، وتوفير الدعم المالي لهم ولأنشطتهم الإرهابية، مع امتلاك بعض عناصرها خبرات في صناعة الأحزمة الناسفة والعبوات المتفجرة، وتحضير الخلائط المستخدمة في تصنيعها، وتأمينها للانتحاريين، وتدريبهم على استخدامها، وبلغ عدد عناصر هذه الخلايا المقبوض عليهم حتى الآن 18 شخصاً. وبلغ عدد الإرهابيين الذين وقعوا في قبضة الداخلية السعودية، بين منتحر ومقبوض عليه، 25 إرهابياً، في مختلف المناطق، تركزوا في الرياضوجدة.