قالت مصادر مصرفية وأخرى في قطاع النفط إن السعودية تدرس خيارين لشكل «أرامكو» عندما تبيع أسهما في شركة النفط الحكومية العملاقة العام المقبل. ومن المنتظر أن يكون إدراج «أرامكو» أكبر طرح عام أولي في العالم، وأن يجلب عشرات البلايين من الدولارات، وهو درة التاج في خطة حكومية طموحة تعرف باسم «رؤية 2030» تهدف إلى تنويع اقتصاد المملكة بعيداً عن النفط. وعندما جرى إعلان الخطة في حزيران (يونيو) العام الماضي، تعهدت السعودية بتحويل «أرامكو» من شركة منتجة للنفط إلى مجموعة صناعية عالمية. لكن المسؤولين السعوديين ومستشاريهم يتباحثون الآن تحويل «أرامكو» إلى «تشيبول كورية»، كما قال أحد المصادر، في إشارة إلى المجموعات الكورية الجنوبية المتوسعة في أنشطتها، أو تحويلها إلى شركة متخصصة تركز بشكل خالص على النفط والغاز. وقد يكون تقييم الشركة المتخصصة أسهل بسبب بساطته، وقد يحقق سعراً أعلى لأسهمها لأن مخاطر أنشطتها ستكون أكثر وضوحاً. وقال مصدر في قطاع النفط السعودي، طلب عدم الكشف عن هويته، نظراً إلى خصوصية المباحثات: «هناك خياران يجري درسهما، وهما أن تكون (أرامكو) شركة خالصة للنفط والغاز، أو أن تكون مجموعة، وتوسع دورها في البتروكيماويات وقطاعات أخرى». وقال متحدث باسم «أرامكو» إن الشركة «لا تعلق على الإشاعات أو التكهنات». وإلى جانب أنشطتها الأساسية المتمثلة بإنتاج النفط والغاز والتنقيب والتكرير فإن هناك خططاً لدى «أرامكو» التي يعمل بها أكثر من 55 ألف موظف لبناء منشآت للطاقة الشمسية وطاقة الرياح. وكونها أكبر شركة في المملكة وواحدة من الأعلى كفاءة تدفع «أرامكو» لإطلاق مشاريع صناعية ضخمة جداً لا يستطيع القطاع الخاص الاضطلاع بها. وتطور الشركة مجمعاً لبناء السفن وإصلاحها قيمته 5 بلايين دولار على الساحل الشرقي للمملكة، كما أنها تعمل مع «جنرال إليكتريك» في مشروع بقيمة 400 مليون دولار لصب وتشكيل المعادن. كما أُسند في أحيان كثيرة إلى «أرامكو» تنفيذ مشاريع حكومية ذات أهداف اجتماعية، مثل بناء مدن صناعية، واستادات ومراكز ثقافية. وشاركت «أرامكو» في تأسيس جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية. ومع اقتراب الطرح العام الأولي يسأل المسؤولون أنفسهم عما إذا كان المستثمرون المحليون والدوليون الذين سيُطلب منهم شراء أسهم «أرامكو» يرغبون بالفعل في الانكشاف على مثل هذه المجموعة المعقدة من الأصول. وقال مصدر مصرفي على دراية بالتجهيزات للطرح العام الأولي إن الحكومة تدرس «ممارسة تسوية» لجعل هيكل «أرامكو» أكثر تنظيماً. ومن بين الخيارات التي يجري درسها تحويل جميع الأنشطة التي لا علاقة لها بالنفط إلى كيان منفصل قبل الطرح العام الأولي على رغم أن هذه العملية ستكون معقدة، حسبماً قالت المصادر. وقال أحد المصادر: «سيكون الأمر كابوساً قانونياً لهم. وكلما بحثوا وكلما وجدوا أصولاً سيكونون بحاجة إلى ترتيب ذلك». أسئلة تطرح أمام مسؤولي الشركة عن إدارتها المستقبلية خطة بيع حصة قدرها خمسة في المئة في «أرامكو»، التي قادها ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان، الذي يشرف على سياسات الطاقة والسياسات الاقتصادية للمملكة، تواجه تعقيدات أخرى. وقال ولي ولي العهد العام الماضي إنه يتوقع أن يحدد الطرح العام الأولي قيمة «أرامكو» بما لا يقل عن تريليوني دولار، وقد يكون الرقم النهائي أكبر من ذلك. لكن ذلك سيعتمد على عوامل، منها النظام الضريبي الذي تواجههه «أرامكو». وقال مسؤولون سعوديون إن الشركة تدفع حالياً رسوماً قدرها 20 في المئة، وضريبة 85 في المئة للحكومة، وهو ما قد يخفض قيمتها في الطرح العام الأولي. وقال أحد المصادر إن هناك مباحثات تجري حالياً لخفض الضريبة إلى 50 في المئة، لكن ذلك قد يلحق ضرراً بإيرادات المملكة في الوقت الذي تسجل فيه عجزاً ضخماً في الموازنة جراء هبوط أسعار النفط. وقالت المصادر إن أنشطة المنبع والمصب النفطية ستظل جزءاً من «أرامكو» عندما يتم طرح الشركة، لكن لم يتم الانتهاء بعد من كيفية تقييم احتياطات «أرامكو» النفطية التي تمتلك الشركة حقوقاً حصرية فيها. وأعلنت «أرامكو» احتياطات مثبتة من النفط الخام قدرها 265 بليون برميل، تمثل أكثر من 15 في المئة من الاحتياط العالمي. وعينت الشركة شركتين أميركيتين متخصصتين لمراجعة الاحتياطات، وهما «جافني كلاين آند اسوشييتس» التابعة لبيكر هيوز، و«ديجولير آند ماكنوتون» التي تتخذ من دالاس مقراً. والقضية الثالثة التي تخضع للمناقشة هي حجم ما سيمتلكه صندوق الاستثمارات العامة في «أرامكو» وما إذا كانت تلك الحصة ستمثل كل ما تبقى بعد الطرح أو أقل من ذلك. وترتبط هذه القضية بسؤال آخر قد يتحكم في سلوك المستثمرين تجاه الطرح العام الأولي، لكنه يظل بلا إجابة، وهو العلاقة بين الشركة والحكومة على نحو دقيق. على سبيل المثال من سيكون له الحق في اتخاذ القرارات المتعلقة بالإنتاج، الحكومة أم مجلس إدارة «أرامكو»؟ وفي أيار (مايو) الماضي، قال الرئيس التنفيذي لشركة «أرامكو» أمين الناصر إن القرارات المتعلقة بالإنتاج أمر سيادي سيظل في يد الحكومة. لكن أحد المصادر بالقطاع قال إن ذلك سيجعل «أرامكو» شيئاً آخر لا علاقة له بشركة نفط عالمية تستهدف الربح. وقال المصدر: «لماذا يشتري المستثمر أسهماً في شركة إذا كان مجلس إدارتها ليست له كلمة في قرارات إنتاجها؟ إذا قررت الحكومة السعودية أنها تريد تقليص الإنتاج فستخفض (أرامكو) إنتاجها، ومن ثم ستخسر حصة سوقية لمصلحة منافسين».