تعرض دار سينما كوزموس (Kosmos) في باريس، في رعاية مديرها نيكولا ريبوبيه وحتى منتصف تموز (يوليو) المقبل، مجموعة من الصور الفنية التي التقطها الفنان دومينيك كارتيلييه (Dominique Cartelier)، تحت عنوان «حكايات سينمائية قصيرة». وفي ثمانينات القرن العشرين، التقط كارتيلييه آلاف الصور الفوتوغرافية حين كان يعمل لحساب شركات إنتاج سينمائية، وكمتخصص في التقاط مشاهد من الأفلام التي صوّرت في استديوات لنشرها في الجرائد والمجلات في ما بعد، وتزيين مداخل دور السينما التي كانت تعرض هذه الأعمال. ولم يكتف كارتيلييه بممارسة النشاط الذي كان مطلوباً منه، بل كان يضيف إليه عملية فنية ثانية وهامشية من ابتكاره الشخصي، تتلخص في تكوين صداقات مع الممثلين والمخرجين الذين كانوا يقفون أمام عدسته، ومن ثم محاولة إقناعهم بالخضوع إلى جلسات مصورة لا علاقة لها بالأفلام التي كانوا يعملون فيها. ويعترف كارتيلييه بأن المهمة لم تكن سهلة بما أن العدد الأكبر من الفنانين كان مشغولاً في شكل مستمر وبالتالي غير مستعد لتكريس ساعات طويلة للمصور الشاب ومن دون أي مقابل سوى الحصول في ما بعد على صور جميلة صالحة للاستعمال. وكان كارتيلييه يلح على الفنانين إلى حين الحصول على مراده، ويبتسم حين يتذكر كيف وافق بعض النجوم على الوقوف أمام عدسته لمجرد أن يتخلصوا منه ومن إلحاحه الشديد عليهم. وبعد الصور العادية، فكر كارتيلييه في تخطي مرحلة جديدة في عمله الفني مع مشاهير الفن السابع، وهي الجمع بين ممثلين وممثلات لم يسبق لهم العمل معاً في السينما لأن يشكل كل ممثل مع كل ممثلة ثنائياً جديداً وطريفاً لا يعتاده الجمهور، فربما تأتي النتيجة مثيرة لخيال المخرجين ويفكر هؤلاء في بناء حبكات سينمائية من حول هذا الثنائي أو ذاك. وهنا أيضاً لم يحصل كارتيلييه على مبتغاه بلا مشقة، ولكن جهوده تكللت بالنجاح في النهاية مثلما يدل عليه المعرض الحالي حيث يتسنى مشاهدة فئة من الصور يظهر فوق كل منها بطل وبطلة لم يتقاسما العمل أبداً في أفلام مشتركة ويبديان وكأنهما يرويان حكاية ألفها كارتيلييه خصيصاً من أجل الصورة الجامعة بينهما. الطابع التاريخي والصور المطروحة في المعرض ملتقطة بالأسود والأبيض، ما يمنحها طابعاً تاريخياً أراده كارتيلييه منذ بدايته، فهي مصنوعة لتتخطى الفترات الزمنية وتثير إعجاب وخيال محبي السينما، مع الإشارة الدائمة إلى الزمن الذي أنجز خلاله العمل، وإلى النجوم الذين برزوا في ذلك الوقت. ومن بين أبرز الصور المعروضة، نذكر المخرج السينمائي سامويل فوللر والممثلة فابيان باب والممثل المرموق جان كلود درايفوس والنجوم فرانسوا نيغريه وفابريس لوكيني وجولي ديلبي وناتالي ريشار والراحل برونو كريمير. والطريف في المعرض، أن المشاهد يبدأ الزيارة في بهو دار سينما كوزموس ويكملها في ما بعد داخل الصالة متجهاً في النهاية إلى ما خلف الشاشة حيث توجد الصور الأخيرة. ويتم كل ذلك أثناء الأوقات التي لا تفتح السينما فيها أبوابها للجمهور، أي من العاشرة صباحاً وحتى الثانية بعد الظهر.