يختزن الشاب محمود بدران (27 سنة) من مخيم الأمعري في رام الله ذكريات بالغة الحميمية عن الرئيس الراحل ياسر عرفات، منها ذلك اليوم الذي زار فيه عرفات المخيم بعد اجتياحه عام 2002 من جانب القوات الإسرائيلية، وتجوله في الأزقة، ومصافحة الأطفال، وتقبيل أيديهم. ويقول وهو يتأسف بحرقة على رحيله: «لقد قبّل عرفات ايدينا كلنا نحن الأطفال الذين هرعنا الى المكان للسلام عليه». بدران واحد من اعداد هائلة من الفلسطينيين الذين ترك عرفات لديهم أثراً في جولاته في المدن والمخيمات والقرى، وفي اسلوبه الشخصي بالغ الحميمية مع الأطفال والنساء والشيوخ، ومنه تقبيل ايدي الأطفال والتقاط الصور مع الزوار وتقديم المساعدات لكل من يطلبها. ودأب عرفات الذي قاد الثورة الفلسطينية المعاصرة على بناء نوع من العلاقة الشخصية مع المواطنين الفلسطينيين الذين التقاهم، فالزائر الى مقره يحصل على صورة تذكارية مع القائد. وإذا ما طلب مساعدة مالية، فإنه يحصل عليها او على جزء منها على اقل تقدير. ويقول رئيس مؤسسة ياسر عرفات وابن شقيقته ناصر القدورة: «البعض نظر الى تلك المسألة بسلبية في تلك الفترة، اما اليوم فإننا نرى فيها صورة عائلية، فالرئيس الراحل كان يقوم بدور الأب للأسرة الفلسطينية الواسعة الممتدة». ورأى رئيس مؤسسة الدراسات «مواطن» الدكتور جورج جقمان ان «عرفات لعب دورين، واحد في الماضي وهو تأسيس الكيانية السياسية وهي منظمة التحرير الفلسطينية، والثاني في الحاضر وهو ان عرفات وضع الخطوط الحمر في السياسة والمفاوضات بحيث لا يمكن لأحد ان يقبل بأقل مما رفضه عرفات». وتميزت احتفالات هذا العام بزخم اكبر من الأعوام السابقة، وهو ما يجد تفسيراً له في الانسداد الذي تشهده العملية السلمية. وكتب احد المعلقين الإسرائيليين قائلاً ان الإسرائيليين ما زالوا يفاوضون عرفات بعد ست سنوات على رحيله، مشيراً الى ان خلفه الرئيس محمود عباس وفريقه ما زالوا متمسكين بالمطالب التي تمسك بها من قبلهم عرفات.