مثل قرار الإدارة الأميركية منع تعيين رئيس الوزراء الفلسطيني السابق سلام فياض مساعداً للأمين العام للأمم المتحدة لشؤون ليبيا، ذروة تردي العلاقة الاميركية- الفلسطينية في عهد الرئيس دونالد ترامب، مثيراً توقعات بوصولها الى درجات أخرى أكثر سوءاً، منها توجيه ضغوط وإيقاع عقوبات على الفلسطينيين في حال عدم استجابتهم المطالب الأميركية والإسرائيلية. واعتبر الفلسطينيون القرار الأميركي ضربة موجهة الى السلطة الفلسطينية، والى مشاريعها المقبلة في المنظمة الدولية، والى العلاقة القائمة بين الجانبين. وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش اختار فياض مساعداً له لشؤون ليبيا، لكن ممثلة الولاياتالمتحدة في مجلس الأمن نيكي هيلي أحبطت تنفيذ القرار. وقالت في ردها على قرار تعيين فياض: «على مدى زمن طويل انحازت الأممالمتحدة الى السلطة الفلسطينية في شكل غير عادل ألحق الضرر بحليفتنا إسرائيل، والولاياتالمتحدة لا تعترف بدولة فلسطينية، وبالتالي لا تدعم الرسالة التي يرسلها تعيين فياض داخل الأممالمتحدة». وقالت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حنان عشراوي في بيان نشرته بالانجليزية، أن «إعاقة تعيين فياض حال من التمييز الصارخ على أساس الهوية الوطنية». ورفض فياض التعقيب على القرار الأميركي وقال مكتبه في رام الله لوكالة «فرانس برس» إنه «لا يريد الإدلاء بأي تصريح». واعتبرت جبهة النضال الشعبي الفلسطيني أن عرقلة الولاياتالمتحدة تعيين فياض «استمرار لسياسة الولاياتالمتحدة ضد دولة فلسطين، وخرق واضح للقوانين الدولية، وحماية لدولة الاحتلال». واعتبرت موقف واشنطن بأنه «تحريض على دولة فلسطين ودعم للاحتلال لمواصلة جرائمه». وأدخلت إدارة ترامب تغييرات كبيرة جدية على السياسة الأميركية تجاه الفلسطينيين تمثلت في الامتناع حتى اليوم عن إجراء أي اتصالات سياسية رسمية، أو الرد على الرسائل التي وجهها الرئيس محمود عباس، ومنها رسالة تهنئة لترامب بالفوز، ورسالة تهنئة ثانية بتوليه منصب الرئاسة بعد تنصيبه، بما تضمنته من استعداد فلسطيني للعمل مع الإدارة الجديدة من أجل تحقيق تقدم في عملية السلام. وجمّد ترامب مساعدة مالية بقيمة 221 ميليون دولار عن العام الماضي. وامتنعت إدارة ترامب أيضاً عن إدانة سلسلة كبيرة من مشاريع التوسع الاستيطاني الإسرائيلية. ودأبت الإدارات الأميركية السابقة على فتح خطوط اتصالات مع السلطة الفلسطينية عقب كل انتخابات، بما في ذلك دعوة الرئيس الفلسطيني الى البيت الأبيض، وقيام وزير الخارجية الأميركي بسلسلة من الزيارات للأراضي الفلسطينية. وبلغ عدد الزيارات التي قام بها بعض وزراء الخارجية من الحزبين الجمهوري والديموقراطي العشرات، مثل مادلين أولبرايت، وكولن باول، وكوندوليزا رايس، وهيلاري كلينتون، وجون كيري. وقال مسؤولون في الرئاسة الفلسطينية إن رايس، وزيرة الخارجية في عهد الرئيس جورج بوش الابن، زارت الرئاسة الفلسطينية أكثر من 25 مرة، وأن كلينتون زارتها أكثر من 20 مرة، وكذلك فعل كيري. وأجرى وفد أمني برئاسة مدير الاستخبارات العامة اللواء ماجد فرج الأسبوع الأخير لقاءات مع مسؤولين أمنيين أميركيين. وجاء إرسال فرج الى واشنطن بعد رفض إدارة ترامب الاستجابة للدعوات الفلسطينية الى فتح خطوط اتصال وعقد لقاءات مع مسؤولين فلسطينيين. لكن لقاءات فرج مع الجانب الأميركي اقتصرت على التعاون الأمني، ولم تتضمن أي ترتيبات او تفاهمات سياسية. ولا يخفي الفلسطينيون قلقهم من المرحلة التالية. وتوقع استاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت الدكتور أحمد جميل عزم أن توجه إدارة ترامب ضغوطاً على الفلسطينيين في المرحلة المقبلة لقبول القواعد التي يضعها رئيس الوزراء الإسرائيلي للعملية السياسية، ومنها إجراء مفاوضات مباشرة في ظل استمرار البناء في المستوطنات، والتوقف عن التوجه الى الأممالمتحدة وتقديم مشاريع قرارات تدين إسرائيل، والتوقف عن مقاضاة إسرائيل في المنظمات والمحاكم الدولية وغيرها. وقال: «اعتقد أن إدارة ترامب ستوجه المزيد من الضغوط على الفلسطينيين، وستشترط أي دعم مالي بقبول المقاربة الإسرائيلية». وأضاف: «ربما تهدد بالمزيد من العقوبات على الفلسطينيين، مثل نقل السفارة الى القدس في حال عدم استجابتهم هذه الشروط».