تجدد بريق «شاذروان» الكعبة المشرفة مرتين: مرة بتنظيفه وتعطيره بدهن العود وماء الورد لإزالة مادة البنزين عنه عقب محاولة «مريض نفسي» حرق نفسه بجواره الثلثاء الماضي، ومرة بتألقه على ألسنة آلاف المسلمين الذين وصل إلى أجهزتهم مقطع فيديو لموظفي إدارة النظافة والفرش التابعة للرئاسة العامة للحرمين الشريفين ومصنع كسوة الكعبة المشرفة، وهم يزاولون عملية تنظيفه وتطييبه. إلا أن كثيرين من الذين شاهدوا المقطع لم يعرفوا أن ذلك الرخام الأبيض الذي يزين الكعبة يسمى «الشاذروان»، وهي كلمة أعجمية تعني «الإزار» وأصلها كلمة «شوذر». ورافق «الشاذروان» الذي أمر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بتجديده في ربيع الأول 1437، الكعبة المشرفة منذ أكثر من ألف سنة وتجدد مرات عدة. وهو «الوزرة المحيطة بأسفل جدار الكعبة المشرفة من مستوى الطواف، ومسنم الشكل ومبني من الرخام في الجهات الثلاث ما عدا جهة الحِجْر وأسفل باب الكعبة، ومثبتة فيه حلقات يربط فيها ثوبها»، وفق موقع «بوابة الحرمين». وبحسب الباحث في الشؤون المكية سمير برقة فإن «الشاذروان بني تاريخياً أسفل الكعبة لتحقيق أهداف عدة أولها تمييز بيت الله الحرام عن بقية البيوت، ومنع التصاق الطائفين بجدرانها وقت الزحام، وعماداً لصد السيول عنها». وفيما يرجح بحسب «بوابة الحرمين» أن يكون الشاذروان من بناء قريش ولم يتعرض لبناء الكعبة بعد قريش إلا عبد الله بن الزبير ثم الحجاج»، قال برقة ل «الحياة» في تصريح سابق «ان بناءه قد يعود إلى قبيلة خزاعة حينما كانت تتولى أمر الحرم، لكن المؤكد بناؤه في أيام ابن الزبير، وبني بعضه في العام 542 ه ثم في 636 ف670ه، وفي العام 1040ه أمر السلطان مراد الرابع ببناء الكعبة، ثم أصلحه أحمد باشا في 1098». وتحدث برقة عن مواصفات «الشاذروان»، موضحاً أن حجارته مائلة ملتصقة بأسفل الكعبة ثلاثة من جوانب، ومتفاوتة الحجم، ومن الرخام الأبيض القوي الصلب، وعددها 71 حجراً منها ثمان من ناحية باب الكعبة. وأشار إلى وجود ثمان رخامات صفر نفيسة جداً، نادرة الشكل والمثال، لونها لا يضرب إلى الصفرة الخالصة بل أصفر مائل إلى الحمرة قليلاً، وعليها نقوش بديعة جداً لونها أصفر فاقع، وهذه الرخامات متفاوتة الحجم أكبرها طولاً 33 سنتيمتراً وعرضها 21 سنتيمتراً، وكلها مرصوصة على هيئة مربع طوله 74 سنتيمتراً، وأعيدت إلى مكانها من باب الاهتمام بالآثار المتعلقة بالكعبة المشرفة وعدم تغيير ما تعارف عليه الناس حولها». وحظي «شاذروان» خلال العهد السعودي بالاهتمام نفسه إذ كانت أول صيانة له في العام 1346 بأمر الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود (رحمه الله)، الذي وجه بإصلاحه مع المسجد الحرام ومظلة مقام إبراهيم وقبة زمزم. وكذلك في العام 1417 وجه الملك فهد بن عبدالعزيز (رحمه الله) أثناء الترميم الثاني والكبير للكعبة المشرفة، بتجديد رخام «الشاذروان». وفي العام 1437 أمر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بتجديد رخام «الشاذروان» بعدما رفعت الرئاسة العام للحرمين إلى المقام السامي بضرورة تغييره بعد ظهور الصدى عليه وصعوبة تنظيفه. وبعد إنتهاء العمل أعلن الرئيس العام لشؤون الحرمين الشيخ عبدالرحمن السديس تفاصيل ما انجز قائلاً: استبدلت 46 قطعة من بلاط الحطيم، 22 منها علوي، و24 للجدار. وبلغ عدد بلاط رخام «الشاذروان» 36 قطعة، موزعة كالآتي: 13 بلاطة من الركن اليماني إلى الحجر الأسود، و15 من الركن اليماني إلى العراقي، و8 ما بين باب الكعبة والركن الشامي.