لم تكد البعثة اللبنانية لدى الأممالمتحدة في جنيف تتنفس الصعداء ارتياحاً إلى مضمون التقرير الوطني لحقوق الانسان الذي سيناقش في جلسة الاربعاء المقبل، حتى تبلغت من الدوائر المعنية بأن اسرائيل تقدمت بشكوى ضدّ لبنان لوصفها في مقدمة التقرير بأنها «كيان صهيوني». لكن هذه الشكوى لن تقدّم ولن تؤخر، لأن لبنان لا يعترف بوجود إسرائيل ويحق له اطلاق الوصف الذي يرتئيه عليها، علماً ان هذا الوصف لم يرد إلا مرة واحدة، وفق ما قالت ل «الحياة» مصادر معنية. وأكدت ان لبنان حضّر نفسه جيداً «ليس فقط لمواجهة هذا الأمر الشكلي، إنما لاحتمال أن تثير اسرائيل قضايا حساسة لها علاقة بالوضع اللبناني كمسألة نزع سلاح حزب الله وغيرها». وعلى رغم ذلك، فان الجلسة لن تكون سهلة للوفد اللبناني الذي يرأسه الأمين العام لوزارة الخارجية بالوكالة وليم حبيب ويضم مندوبة لبنان لدى الاممالمتحدة في جنيف السفيرة نجلا عساكر وممثلين عن عدد من الوزارات والقوى الامنية، خصوصاً أن دولاً أوروبية تقدمت بنحو 34 سؤالاً إلى لبنان مع احتمال أن تطلب دول أخرى الكلام بمن فيها اسرائيل، علماً أن الدول العربية تتجه إلى دعم لبنان وتأييد التقدم الحاصل فيه على صعيد قضايا حقوق الانسان والبرامج التنموية التي تدعمها فيه. ويتركز التقرير اللبناني الذي يقع في 27 صفحة، على قضايا حقوق الانسان الميدانية والسياسية، وعلى حقوق المرأة والطفل إضافة إلى تغطيته جزئياً الحقوق الاقتصادية التي تشمل قطاعات العمل والتعليم والصحة، وبعض الشيء عن ذوي الحاجات الخاصة واللاجئين. ويجمع المعنيون بهذا التقرير من الجهات الرسمية اللبنانية وكذلك الأممالمتحدة والجمعيات غير الحكومية التي قدمت تقريرين ايضاً، على أن أهم ما في الأمر أن لبنان انجز للمرة الأولى تقريراً شاملاً حول حقوق الانسان، وضمنه التزامه صون الحريات العامة لا سيما في الصحافة والاعلام والتجمع وتكوين الجمعيات والانتخابات الديموقراطية والنظام التوافقي. وكذلك يؤكد التزامه التعاون مع المؤسسات الدولية، خصوصاً انه يستضيف المكتب الاقليمي للمفوض السامي لحقوق الانسان، اضافة الى استعداده الدائم لاستضافة مقررين خاصين في هذا المجال، وهو استضاف عدداً منهم أبرزهم المقررة الخاصة المعنية بالجوانب المتعلقة بحقوق الانسان لضحايا الاتجار بالبشر وبخاصة النساء والاطفال سيغما هدى، كما استقبل لجنة التحقيق المعنية بلبنان بناء على قرار مجلس حقوق الانسان في دورته الاستثنائية التي عقدت عام 2006 حول «الحالة الخطيرة لحقوق الانسان في لبنان التي سببت نشوءها العمليات العسكرية الاسرائيلية»، واستقبل ايضاً اللجنة الفرعية لمنع التعذيب وأمن لها الدخول الى كل اماكن الاحتحاز التي اختارتها. وأكدت المصادر نفسها أن لبنان سيؤكد في الجلسة استعداده لقبول توصية بإنشاء مؤسسة وطنية لحقوق الانسان. ويعتبر ذكر لبنان في تقريره مسألة التعذيب في التحقيقات «اعترافاً» بهذا الموضوع، وسيعلن لبنان في الجلسة أنه سيعمل على تعديل القوانين لتتضمن مواد تعاقب من يمارس «جريمة التعذيب»، واستعداده ايضاً لانشاء آلية لمكافحة التعذيب اما مستقلة بحد ذاتها واما ضمن مؤسسة مستقلة لحقوق الانسان ولا سيما انه من موقعي اتفاقية «مناهضة التعذيب». وما يؤخذ على لبنان هو تأخره في تقديم تقريره الأولي او الدوري عن مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة او العقوبة القاسية واللاانسانية او المهنية، لكن السلطات المختصة تعمل على اعداد هذه التقارير تأكيداً لالتزم لبنان احترام المسؤوليات الملقاة على عاتقه والناجمة عن انضمامه الى تلك الاتفاقيات. ومن المسائل الحساسة التي يتطرق إليها التقرير، ويتوقع أن تكون مدار جدال في الجلسة، مسألة اللاجئين الفلسطينيين والعراقيين. واذ يشير الى عدم وجود توافق لبناني على مسألة منح حق التملك للفلسطينيين، يلفت الى ان في موضوع عقوبة الاعدام التي يطالب المجتمع الدولي لبنان بإلغائها، فان القرار يتطلب توافقاً سياسياً وتعديلاً قانونياً لكن فعلياً هذه العقوبة معلقة. ووعد بايجاد حل ل«اكتظاظ السجون».