شن الجمهوريون هجوماً تشريعياً شرساً أمس، فتح ثغرة في جدار التعطيل الديموقراطي للتعيينات في إدارة الرئيس دونالد ترامب، ما أدى إلى سلسلة مصادقات في مجلس الشيوخ ليلاً تنتهي بالمرشح لوزارة الخارجية ريكس تيلرسون. وترافق ذلك مع تهديد ترامب باتباع ما يعرف ب «السيناريو النووي» لفرض مرشحه للمحكمة العليا المحافظ نيل غورستش، بتعديل دستوري يتيح إقرار تعيينه بغالبية جمهورية بسيطة من دون تمثيل ديموقراطي، ما اعتبره خصومه خرقاً لمبدأ الديموقراطية والمثل الأميركية العليا. كذلك عين ترامب كلاً من ديريك هارفي وجويل رايبرن في مجلسي الأمن القومي للاشراف على قضايا الشرق الأوسط، وكلاهما من خلفية عسكرية ومعروفان بمواقفهما المتشددة ضد الإرهاب ووسطيتهما في التعامل مع قضايا المنطقة. وسيتولى هارفي منصب المسؤول السابق روبرت مالي، فيما سيكون رايبرن نائباً له. وبعد شهر من الجمود المتعمد في درس 10 تعيينات وزارية في مقابل الموافقة على خمسة منها في الدفاع والاستخبارات والنقل والأمن الداخلي والأمم المتحدة، تحرك الجمهوريون في شكل أحادي أمس، وعدلوا في القوانين المعتمدة في شكل مكّنهم من تمرير 3 تعيينات جديدة في اللجان الخاصة والمصادقة عليها في المجلس. وعدلت لجنتا المال والقضاء في مجلس الشيوخ في قوانين الترشيح، وجمدت بنداً يشترط حضور الديموقراطيين للتصويت، ووافقت بحضور الجمهوريين فقط على تعيين كل من ستيفن مانوشين وزيراً للخزانة وتوم برايس وزيراً للصحة، وجيف سيشنز وزيراً للعدل. وكان الديموقراطيون اعترضوا على هذه التعيينات وقاطعوا بعدها جلسات التصويت بسبب ما سمّوه عدم تزويد هؤلاء المرشحين بمعلومات كافية حول رصيدهم المادي، أو اجابات حول أمور دستورية. وكان من المقرر أيضاً أن يصوت مجلس الشيوخ أمس، للمصادقة على تعيين تيلرسون وزيراً للخارجية وبعد موافقة لجنة العلاقات الخارجية ب11 صوتاً ومعارضة عشر أصوات. ويتوقع أن يتسلم تيلرسون مهماته على رأس وزارته اليوم، بعد نيله العدد الكافي من الأصوات. كما وافقت لجنة التربية والصحة على تعيين بيتسي دافوس وزيرة للتربية والتعليم، ما رفع عدد التعيينات الموافق عليها والتي تنتظر تصويت المجلس الى أربعة وزراء. ومع الموافقة على تيلرسون يصبح عدد الوزراء الموافق عليهم بالكامل ستة، بانتظار تسعة آخرين لاكتمال الإدارة الحالية. وعكست عملية التصويت شرخاً لا سابق له في التاريخ الأميركي الحديث، وانقساماً عميقاً بين الجمهوريين والديموقراطيين يعد بمرحلة شد حبال ومناكفات اشتراعية في المرحلة المقبلة. ولمس ترامب هذا التعنت أمس، إذ لوح ب «الخيار النووي» في حال عدم مصادقة مجلس الشيوخ على تعيين مرشحه للمحكمة العليا نيل غورستش، وبإلغاء قاعدة الستين صوتاً من أصل مئة في مجلس الشيوخ واشتراط أكثرية عادية (51 صوتاً) بدلاً من ذلك. وأثارت هذه الأجواء مشاعر غضب لدى الديموقراطيين وأججت الخلافات الحزبية أمس، وهاجم زعيم الأقلية الديموقراطية تشاك شومر في مؤتمر صحافي سلوك الجمهوريين، معلناً رفضه ترشيح غورستش للمحكمة العليا. ويعول الديموقراطيون على هذا النهج الانفرادي للجمهوريين، وتعطيل قدر الإمكان أجندة ترامب والمماطلة في تعييناته، والبناء على ذلك في الانتخابات النصفية في 2018 لاستعادة الغالبية إما في مجلس النواب أو الشيوخ.