صوّت الأميركيون أمس، في انتخابات التجديد النصفي للكونغرس الأكثر سخونة منذ عقد ونصف عقد، والتي عكست فيها نسبة الاقبال المرتفعة انقساماً كبيراً في المجتمع الأميركي حول المسار الاقتصادي للبلاد. واذ أكد فيليب كراولي مساعد وزيرة الخارجية الأميركية للشؤون العامة ل «الحياة» أن نتائج انتخابات الكونغرس لن تؤثر في الخطوط السياسة الخارجية لادارة باراك أوباما في عملية السلام وايران والملفات الاقليمية وستنحصر تداعياتها في وضع الموازنة ورئاسة اللجان، بدأت التحضيرات في البيت الأبيض لتقويم الواقع ومكاسب الجمهوريين واعادة رسم أولويات المرحلة المقبلة. وفيما استمر احتساب الأصوات في ولايات حاسمة غرباً حتى ساعات الصباح الأولى اليوم، عكست المؤشرات الأولى نسب اقبال تفوق الدورات السابقة، نظراً الى صعود «حزب الشاي» (تي بارتي) في اوساط الجمهوريين، وعملية الحشد التي قام بها أوباما وزوجته ميشيل والرئيس السابق بيل كلينتون في اوساط القاعدة الديموقراطية والأقليات والشباب. وحذر اوباما من ان الانتخابات «ستترك أثراً لعقود مقبلة»، معتبراً ان سياسات الديموقراطيين «أنقذت الاقتصاد» من انهيار كبير. في المقابل، قال زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس النواب جون بوهنر: «لا يمكننا تحمّل سنتين اضافيتين مثل السابقتين». اما مايكل ستيل رئيس «اللجنة الوطنية الجمهورية» فأعرب عن أمله بأن تمنح الانتخابات الجمهوريين «انطلاقة جديدة مع الشعب الاميركي». وقبل ظهور نتائج الانتخابات، سادت توقعات بأن يخرج اليمين الجمهوري بمكاسب في مجلس النواب تعطيه المطرقة الاشتراعية التي فقدها عام 2006، في حين اكتسبت المعركة في مجلس الشيوخ طابع «كسر العظم». وبرز التنافس الأكثر سخونة على مجلس الشيوخ، في نيفادا بين زعيم المجلس هاري ريد ومرشحة «تي بارتي» شارون أنجيل، وحشدت الحملتان فرقاً قانونية تحسباً لأي أخطاء في فرز الاصوات. كما شهدت ولايات كاليفورنيا وكولورادو وايلينوي (على مقعد أوباما سابقاً في مجلس الشيوخ) وبنسلفانيا، منافسة ساخنة على مجلس الشيوخ. ورجّح مراقبون تحقيق الجمهوريين مكاسب في مجلس النواب تراوح بين 39 و60 مقعداً. وستفرض نتائج مماثلة واقعاً جديداً أمام البيت الأبيض، سيتحدث عنه أوباما في مؤتمر صحافي اليوم، قبل مغادرته في جولة آسيوية، كما يُحتمل أن يؤدي الى تعديلات أكبر في فريق البيت الأبيض. وعلى المستوى الداخلي، ستعني مكاسب الجمهوريين تحوّلاً في أجندة أوباما بعيداً من المشاريع الضخمة التي تحتاج الى أكثرية ديموقراطية، ونحو تشريعات يتفق عليها الحزبان، مثل الطاقة أو قوانين الهجرة أو وضع سياسة ضريبية جديدة. وأوردت صحيفة «وول ستريت جورنال» أن النتائج قد تهيئ لتغييرات في الفريق الرئاسي، وخروج وجوه قريبة من الرئيس مثل ديفيد أكسلورد والناطق باسم البيت الابيض روبرت غيبس، وهي وجوه يحمّلها الحزب الديموقراطي مسؤولية الخسارة. وقال كراولي ل «الحياة»: «فيما ستؤثر النتائج في موضوع الموازنة السنوية للحكومة الأميركية (التي تتضمن المساعدات) وفي شكل اللجان النيابية، ثمة التقاء بين الحزبين على الخطوط العريضة للقضايا الخارجية». ولفت كراولي الى أن الدفع بعملية السلام يشكّل «مصلحة قومية أميركية ويلتقي حولها الحزبان، كما هو الأمر بالنسبة الى تطبيق اتفاق السلام الشامل في السودان والذي أشرف على توقيعه الرئيس (الجمهوري) السابق جورج بوش». وأشار الى أن ثمة قلقاً مشتركاً من الديموقراطيين والجمهوريين حول ايران، انعكس بتصويت الغالبية الساحقة من الحزبين على العقوبات في الكونغرس، كما أن ثمة ادراكاً لأهمية دور الولاياتالمتحدة في أفغانستان وباكستان.