ألغى الرئيس المكسيكي إنريكه بينيا نييتو، زيارته الولاياتالمتحدة، بعدما دعاه نظيره الأميركي دونالد ترامب إلى إلغاء لقاء مقرّر بينهما في البيت الأبيض الثلثاء المقبل «إذا رفض دفع تكلفة تشييد جدار بين البلدين». تأجيج التوتر مع المكسيك، والذي يهدّد بشرخ في العلاقات، أتى بعد ساعات على تأكيد بينيا نييتو أن بلاده «لن تدفع لأي جدار»، مبدياً «أسفه وإدانته قرار الولاياتالمتحدة مواصلة تشييد الجدار الذي يفرّق بيننا منذ سنوات، بدل أن يجمعنا»، ومتعهداً الدفاع عن «حقوق المهاجرين المكسيكيين» على أراضيها. وكتب ترامب على موقع «تويتر»: «العجز التجاري الأميركي مع المكسيك يبلغ 60 بليون دولار». واعتبر أن «اتفاق التجارة الحرة لأميركا الشمالية» (نافتا)، الذي يضمّ الولاياتالمتحدةوالمكسيك وكندا ويسعى الرئيس الأميركي إلى إعادة التفاوض في شأنه، «يعمل في اتجاه واحد ويكبّد البلاد خسائر هائلة على مستوى الوظائف والشركات». وأضاف: «إذا لم ترغب المكسيك في دفع ثمن تشييد الجدار، الضروري جداً، سيكون من الأفضل إلغاء اللقاء» مع بينيا نييتو. و «استجاب» الرئيس المكسيكي لدعوة ترامب، معلناً أنه أبلغ البيت الأبيض أنه لن يزور الولاياتالمتحدة للقائه. واستدرك أنه يرغب في العمل مع واشنطن لإبرام صفقات مفيدة للجانبين. وكان أندريس مانويل لوبيز أوبرادور، زعيم المعارضة اليسارية في المكسيك والمرشح لانتخابات الرئاسة، اقترح «رفع دعوى أمام الأممالمتحدة ضد الإدارة الأميركية، لانتهاكها حقوق الإنسان و(ممارستها) تمييزاً عرقياً». وتزامن توقيع ترامب الأربعاء مرسوماً يأمر بتشييد الجدار على حدود المكسيك، مع وصول وفد مكسيكي يقوده وزير الخارجية لويس فيديغاراي، إلى البيت الأبيض لإجراء محادثات مع مسؤولين في الإدارة الجديدة. وأثار توقيت توقيع المرسوم غضباً في المكسيك، إذ رأى فيه ساسة بارزون ازدراءً متعمداً لجهود الحكومة للانخراط مع ترامب. وأعلن رئيس مجلس النواب الأميركي بول راين وزعيم الغالبية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل، أنهما يخططان لتمرير قانون يخصّص 15 بليون دولار لتشييد الجدار. وتزامن التوتر مع المكسيك مع سجال صاخب في الولاياتالمتحدة، إذ يعتزم ترامب تجميد برنامج لاستقبال لاجئين، ووقف منح تأشيرات دخول لرعايا سبع دول شرق أوسطية ترى الإدارة الأميركية أنها قد تشكّل تهديداً إرهابياً، هي العراق وسورية وإيران والسودان وليبيا والصومال واليمن. وتعهدت مدن أميركية تشكّل «ملاذات» لمهاجرين، مواجهة تدابير الرئيس الجمهوري، متجاهلة تهديده بحرمانها من بلايين الدولارات من الأموال الفيديرالية. لكن ترامب رفض الحديث عن فرضه «حظراً على مجيء المسلمين» إلى الولاياتالمتحدة، لافتاً إلى أن قراره يطاول «دولاً تشهد أعمالاً إرهابية على نطاق واسع». في المقابل، أعلنت وزيرة الخارجية الأميركية السابقة مادلين أولبرايت، أنها مستعدة لتسجيل نفسها بوصفها مسلمة، تضامناً مع المسلمين. وكتبت على «تويتر»: «تربّيت بوصفي كاثوليكية، وأصبحت (تابعة للكنيسة) الأسقفية، واكتشفت لاحقاً ان عائلتي كانت يهودية. أنا مستعدة لأن أسجّل نفسي مسلمة، تضامناً». واعتبرت أن على «أميركا أن تبقى مفتوحة أمام الأفراد من كل الأديان والخلفيات». إلى ذلك، وقّع ترامب أمس، مرسوماً بفتح تحقيق في شأن مزاعم ب «تزوير» انتخابات الرئاسة التي نُظمت في 8 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي. وأعلن البيت الأبيض أن الرئيس سيزور مقرّ وزارة الدفاع اليوم، حيث سيطّلع على تقويم شامل لمسائل الأمن القومي. وأوردت صحيفة «نيويورك تايمز» أن إدارة ترامب تُعد مرسومين ينصّان على تقليص أو إلغاء المساهمة المالية للولايات المتحدة في وكالات تابعة للأمم المتحدة ومنظمات دولية، ومراجعة معاهدات. وأسّس عاملون في أكثر من 12 وكالة حكومية أميركية، بينها «وكالة الطيران والفضاء الأميركية» (ناسا)، شبكة حسابات غير رسمية لمؤسساتهم على «تويتر»، تتحدى ما يعتبرونه محاولات يجريها ترامب لوقف البحوث الفيديرالية حول الاحتباس الحراري، وبحوث علمية أخرى. في غضون ذلك، أفادت وكالة «رويترز» بأن ثلاثة ديبلوماسيين أميركيين بارزين تركوا مناصبهم، هم غريغوري ستار مساعد وزير الخارجية لشؤون الأمن الديبلوماسي، وميشيل بوند مساعدة وزيرة الخارجية للشؤون القنصلية، وتوم كاونتريمان وكيل الوزارة لشؤون الحدّ من التسلح والأمن الدولي. ولم يتضح هل أن رحيلهم جزء من العملية الانتقالية العادية في الوزارة بعد تسلّم الإدارة الجديدة مهماتها، أم أنه انسحاب منسّق لديبلوماسيين خدموا في إدارة الرئيس الديموقراطي باراك أوباما؟ في بروكسيل، اعتبر رئيس مجموعة «يوروغروب» يروين ديسلبلوم، أن الاتحاد الأوروبي سيكون «وحيداً في السنوات المقبلة» بعدما بات ترامب رئيساً للولايات المتحدة، مستدركاً أن أوروبا «قد تحتاج إلى هذا الأمر لتقوم بعمل مشترك فعلي».