أبدت موسكو تحفظات على خطط الولاياتالمتحدة لإنشاء «مناطق آمنة» في سورية، وقال الكرملين أن الإدارة الأميركية لم تتشاور مع موسكو في هذا الشأن محذراً من «العواقب المحتملة» للخطوة، في وقت أعلنت تركيا الخميس أنها ستدرس عن كثب مشروعاً أثاره الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإنشاء «مناطق آمنة» في سورية أو الدول المجاورة لها لاستقبال النازحين السوريين، وهي فكرة تدعمها أنقرة. وبدا أن الكرملين فوجئ بإعلان الرئيس ترامب أنه وجه أوامر الى وزارتي الخارجية والدفاع لدراسة إقامة «مناطق آمنة» في سورية. وقال الناطق باسمه ديمتري بيسكوف أن واشنطن لم تبلغ الروس بخططها و «لم تتشاور معنا في هذا الموضوع، هذا قرار سيادي» لكنه دعا إدارة الرئيس ترامب الى «دراسة العواقب المحتملة لخطوة من هذا النوع» معتبراً أن تأثيراتها قد تكون سلبية جداً، وتسفر عن تعميق أزمة اللاجئين كما قد تؤدي الى عواقب أخرى. وأضاف: «الأمر المهم هو ألا يؤدي ذلك إلى تردي وضع اللاجئين. ويبد أنه كان من المجدي دراسة كافة العواقب المحتملة». وأشار بيسكوف الى أن موسكووواشنطن «لم تجريا بعد اتصالات، علينا إقامة اتصالات أولاً لفهم طبيعة الاقتراحات الأميركية». وقال ديبلوماسي روسي ل «الحياة» أن الطرح الأميركي شكل مفاجأة لموسكو، خصوصاً لجهة توقيته بعد مفاوضات آستانة وفي غمار تحضيرات مكثفة جارية لإنجاح جولة مفاوضات جديدة في جنيف، لكنه لفت الى أن الاقتراح «ليس واضحاً»، مشيراً الى ضرورة تبين «ما هي طبيعة المناطق الآمنة التي يتحدث عنها البيت الأبيض وكيف سيتم تنفيذ الفكرة في حال تم إقرارها». وأشار الى أن التحفظ الروسي لا يقتصر على التوقيت، لأن موسكو عارضت طوال الفترة الماضية أفكاراً من هذا النوع، مشيراً الى أن الخطر الرئيسي فيها يكمن في أنها تشكل انتقاصاً لسيادة سورية وتتطلب قراراً من مجلس الأمن. كما حذر من أن «العواقب المحتملة» التي أشار اليها الكرملين، تتمثل في احتمال وقوع صدام مع القوات الجوية السورية في حال انتهكت تلك المناطق، أو احتمال وقوع تصادم مع القوات الروسية حتى لو في شكل غير متعمد أو نتيجة أخطاء. وشدد الديبلوماسي الروسي على أن موسكو «ما زالت بانتظار اكتمال تشكيل فريق ترامب وخصوصاً في السياسة الخارجية وبدء الاتصالات بين الجانبين لفهم النيات الأميركية اكثر وفتح قنوات للتنسيق والتعاون». وكان ترامب قال في مقابلة بثتها محطة «ايه بي سي نيوز» مساء الأربعاء ان الحكومة الأميركية ستنشئ مناطق آمنة لاستيعاب النازحين السوريين. ووفقاً لوسائل إعلام أميركية، يفترض أن يضع البنتاغون في غضون 90 يوماً خطة لإنشاء هذه المناطق في سورية أو بلدان حدودية معها. وقال الناطق باسم الخارجية التركية حسين مفتي اوغلو خلال مؤتمر صحافي في انقرة: «لقد رأينا ذلك»، مضيفاً «المهم سيكون نتيجة تلك الدراسة ونوع التوصية التي ستخرج بها». وأوضح «اقترحنا (إنشاء مناطق آمنة) منذ البداية. جرابلس هي المثال الأفضل»، مشيراً الى ان آلاف السوريين يعودون الى هذه المدينة التي استعادها مقاتلو المعارضة السورية في آب (اغسطس) بدعم من الجيش التركي من أيدي تنظيم «داعش». ومنذ 24 آب انخرطت تركيا في عملية «درع الفرات» في شمال سورية التي تستهدف تنظيم «داعش» و «وحدات حماية الشعب» الكردية على حد سواء. وتدعو انقرة بانتظام الى إنشاء «مناطق آمنة» ومناطق حظر طيران في سورية بهدف الحد من وصول المهاجرين الى تركيا. وتستضيف تركيا، التي رعت مع موسكو وايران اتفاقاً لتعزيز وقف إطلاق نار في سورية، نحو 2,7 مليون سوري فروا من الحرب. وقال مصدر في وزارة الخارجية التركية الخميس إن تركيا تعتبر كلاً من «داعش» و «جبهة النصرة» التي تعرف الآن باسم «جبهة فتح الشام» جماعتين إرهابيتين وتتصرف وفقاً لذلك. في الدوحة، (أ ف ب)، نقلت وكالة الأنباء القطرية الرسمية عن مسؤول في وزارة الخارجية ترحيب الدوحة بتعهد ترامب بإقامة مناطق آمنة في سورية. ووقال أحمد بن سعيد الرميحي مدير المكتب الإعلامي بوزارة الخارجية في تصريح لوكالة الأنباء القطرية إن الدوحة ترحب بالتصريحات التي أدلى بها ترامب الأربعاء وأكد «ضرورة توفير ملاذات آمنة في سورية وفرض مناطق حظر جوي (وهو ما) يضمن سلامة المدنيين.»