اعربت القوى السياسية العراقية عن ارتياحها الى دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبالله بن عبد العزيز إلى اجتماع في الرياض لحل ازمة تشكيل الحكومة المتفاقمة، لكن بعضها لم يعلن موقفا نهائيا منها في انتظار اجراء مزيد من المشاورات في شأنها. وبينما أيدت «القائمة العراقية» المبادرة، معتبرة رفضها «مؤشراً إلى الموقف الايراني من المملكة العربية السعودية». أعلن «المجلس الاعلى انه سيتعامل معها بايجابية»، لكن كتلتا «التحالف الوطني» و «الكردستاني» اعلنتا التزامهما مبادرة رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني مع «اعتزازهما» بمبادرة خادم الحرمين. وأكد بيان مشترك لإئتلاف المالكي والقائمة الكردستانية مساء اول من امس ان «القيادات السياسية في العراق تلقت مبادرة خادم الحرمين الشريفين بهدف تشكيل الحكومة بروح الاعتزاز والحرص من المملكة العربية السعودية على الاوضاع في العراق. واننا نعبر عن تقديرنا لهذا الاهتمام السعودي بالاوضاع في العراق». وأضاف البيان الذي تلاه حسن السنيد عن «ائتلاف دولة القانون» ان «قادة العراق يواصلون اجتماعاتهم الخاصة بحسب مبادرة رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني للوصول الى حكومة الشراكة الوطنية». وزاد ان «نتائج الاقتراع افرزت قوائم وهناك تحالفات بسبب تقارب برامج هذه الائتلافات وتقترب هذه الكتل من الانسجام لتشكيل الحكومة». وقال النائب الكردي محمود عثمان ل «الحياة»: «قررنا حالياً الاستمرار في مبادرة رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني وجمع قادة الكتل في اجتماعات مستمرة للوصول الى حلول ممكنة قبل عيد الاضحى المقبل». وأضاف «هناك تقارب جيد» بين «التحالف الكردستاني» و «التحالف الوطني ربما يتبلور خلال الايام المقبلة وهناك حوار مع العراقية والمجلس الاعلى ونرى ان كثيراً من الاطراف العراقية غير مستعدة حالياً لقبول مبادرة العاهل السعودي». وكان الملك عبدالله دعا مساء السبت الماضي المسؤولين العراقيين الى اجراء محادثات في الرياض ترعاها الجامعة العربية لتجاوز مأزق تشكيل الحكومة. من جهته، قال الناطق باسم «القائمة العراقية» حيدر الملا ل «الحياة» ان «كتلته تنظر الى مبادرة العاهل السعودي بكثير من الارتياح وترى انها جاءت في وقت مناسب لأن العراق في حاجة الى مبادرة عربية حقيقة تنقذه من الوضع الحالي». وأبدى الملا استغرابه لرفض «التحالف الوطني الجلوس مع باقي القوائم العراقية في اي حوار او في اجتماع الطاولة المستديرة داخل او خارج العراق لانه يتخوف من خسارة منصب رئاسة الوزراء». ورأى ان رفض مبادرة العاهل السعودي هو «تعبير عن الموقف الايراني تجاه المملكة العربية السعودية». وقال نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي ان «دعوة الملك عبد الله جاءت في وقت مناسب وباتت ضرورة بعد ان فشلت الجهود التي بذلتها الكتل السياسية الفائزة في الانتخابات على مدى الشهور الماضية في الوصول الى توافق وطني يسهل مهمة تشكيل حكومة شراكة وتكافؤ وطني». وأعرب المكتب الاعلامي للهاشمي في بيان تلقت «الحياة» نسخة منه امس، عن تقديره لمبادرة خادم الحرمين ونقل عن الهاشمي قوله: «اعتقد بأن المملكة العربية السعودية مؤهلة لمثل هذا الدور ولها سجل طيب في هذا المجال»، متمنياً ان «تلقى هذه الدعوة استجابة مختلف الفرقاء وادعوهم ان لا يضيعوها، كما آمل في دعم دول الجوار بل كل الدول المعنية بأمن واستقرار العراق». وأضاف الهاشمي: «على رغم اننا لم نطلع على تفاصيل الدعوة الى الآن ولم نستلمها رسمياً، فلا شك في ان كتلة العراقية سترد رسمياً على هذه المبادرة ببيان خاص حال استلامها الدعوة». ووصف المستشار الإعلامي لرئيس «المجلس الأعلى» باسم العوادي تعامل كتلته ب «الإيجابي مع أي مبادرة تطرح لحل الازمة العراقية حال اكتمال تفاصيل تلك المبادرة ومنها مبادرة العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز». وقال العوادي في تصريح صحافي: «استطيع ان اوجز الموقف الرسمي للمجلس الاعلى الاسلامي من مبادرة العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز بثلاث نقاط سريعة اولها ان المجلس لم يتلق حتى الآن دعوة رسمية بمبادرة المملكة العربية السعودية وما زلنا ننتظر المزيد من التفاصيل». وأضاف «الامر الثاني هو ان المشروع العراقي المطروح على الساحة العراقية هو مشروع الطاولة المستديرة الذي اطلقه مسعود بارزاني رئيس اقليم كردستان العراق وبالتالي نحن مهتمون جداً بإنجاح مبادرة بارزاني ونسعى للمشاركة فيها بكل فعالية» مشيراً الى ان «الامر الثالث هو ان المجلس الاعلى سيشارك ويتعامل بايجابية مع أي مبادرة تطرح للحوار حالما تكتمل تفاصيل تلك المبادرة». بدوره، وصف الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى دعوة خادم الحرمين ب «دعوة خير تستهدف توحيد الصف وإبعاد الخلافات وتأثيرها على الحركة السياسية في العراق، مشيراً إلى ما أكده خادم الحرمين الشريفين من تأييد ومؤازرة لكل ما يتفق عليه القادة العراقيون وما يصلون إليه من قرارات من دون تدخل خارجي». وأكد الأمين العام لجامعة الدول العربية في بيان أمس «أهمية مواصلة الجهود الرامية إلى تأكيد المصالحة الوطنية العراقية، وأن الآمال العربية معقودة على وحدة الصف العراقي وعلى الجهود العراقية الجارية لتصل إلى مبتغاها بتشكيل حكومة شراكة وطنية، ودعوة خادم الحرمين إنما تتوجه إلى الهدف نفسه من منطلق الحرص على الإسهام في تحرك العراق نحو المستقبل بما يضمن استعادة دوره، باعتبار العراق دولة عربية أساسية لها دورها ومكانتها». ورحب رئيس الجبهة العراقية للحوار الوطني الدكتور صالح المطلق في تصريح إلى «وكالة الأنباء السعودية» بالمبادرة، وقال: «إن هذه الدعوة جديرة بالاحترام والتقدير من أطياف الشعب العراقي كافة، لأنها تفتح الأمل لإنهاء مآسي الشعب العراقي التي مازالت مستمرة منذ عام 2003». وأضاف: «إن دعوة المملكة تجسّد حرصها على عروبة العراق وعودته إلى الحضن العربي قوياً عزيزاً»، موضحاً أن «هذه الدعوة تشكل فرصة تاريخية للعراقيين لإنهاء أزماتهم المتعددة التي طال أمدها وأوقعت بالعراق خسائر جسيمة لا يمكن وصفها». واعتبر رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري ان «هذه الدعوة تضع الحلول لقضايانا العربية الشائكة في إطارها الصحيح، اي في الإطار القومي المطلوب، ونحن في لبنان سنكون في طليعة المؤيدين لها ومباركتها على كل صعيد». وخلص الى القول: «بغض النظر عن ردود الفعل الأولية، فإننا ننصح جميع الأخوة في العراق بعدم تفويت هذه الفرصة الذهبية».