قدم مدرب الجزائر البلجيكي جورج ليكنز الثلثاء، استقالته من منصبه غداة اقصاء المنتخب من كأس الأمم الأفريقية في كرة القدم، في خطوة تعيد تسليط الضوء على جدل حول جنسية مدرب المنتخب الوطني. وخلال الأعوام القليلة الماضية، استبدلت الجزائر مدرب منتخبها الوطني لكرة القدم أكثر من مرة، علماً أن آخر مدرب جزائري للمنتخب يعود إلى العام 2011، ما دفع عدداً من نجوم اللعبة السابقين إلى طرح نقاش حول مدرب "الخضر": أجنبي أم جزائري؟ وأعلن الاتحاد الجزائري الثلثاء، أنه "بعد إقصاء المنتخب الوطني المبكر من نهائيات كأس أمم افريقيا 2017 بالغابون، استقال السيد جورج ليكنز من منصبه كمدرب المنتخب الوطني". وقال ليكنز، وفق ما نقل عنه الموقع الالكتروني للاتحاد، إنه "نظراً للضغط الممارس على الاتحاد والمنتخب الوطني، آثرت وقف تعاقدي بالتراضي"، ورفع ذلك إلى رئيس الاتحاد محمد روراوة. أضاف "لصالح الجميع، أفضل الرحيل على الرغم من أنني اقوم بذلك مع حسرة في القلب، متمنياً كل النجاح للمنتخب الوطني". وكان ليكنز (67 عاماً) تولى تدريب المنتخب الجزائري في تشرين الأول (اكتوبر) 2016 خلفاً للصربي ميلوفان راييفاتش. واقصيت الجزائر من الدور الاول للبطولة الأفريقية التي احرزت لقبها مرة وحيدة العام 1990، بعد تعادلين وخسارة. فهي تعادلت الاثنين مع السنغال 2-2، وهي النتيجة نفسها لمباراتها الافتتاحية مع زيمبابوي، بينما خسرت مباراتها الثانية امام تونس 1-2. وحلّت الجزائر ثالثة ترتيب المجموعة الثانية برصيد نقطتين، بينما تأهلت السنغال المتصدرة وتونس الثانية إلى ربع النهائي. وكان المنتخب الجزائري من المرشحين البارزين لاحراز لقب بطولة 2017 المقامة في الغابون حتى الخامس من شباط (فبراير)، لاسيما وأنه يضم في صفوفه لاعبين بارزين محترفين في اوروبا، يتقدمهم لاعب وسط ليستر سيتي بطل الدوري الانكليزي رياض محرز، الذي نال جائزة افضل لاعب افريقي في 2016 من الاتحاد القاري للعبة. وسبق لليكنز تدريب المنتخب الجزائري زهاء ستة أشهر العام 2003، إلا أنه اقيل بعد عدم فوزه في أي من المباريات الأربع التي خاضها. ويتهم نجوم سابقون للعبة، درّب بعضهم منتخب بلادهم خلال العقود الماضية، الاتحاد الجزائري ب "تهميش" المدربين المحليين، منذ استقالة المدرب عبد الحق بن شيخة في 2011. ومنذ ذلك الحين، لم يتول أي مدرب جزائري قيادة المنتخب، بل اقتصر ذلك على البوسني الفرنسي وحيد خليلوزيتش (2011-2014)، والفرنسي كريستيان غوركوف (2014-2016) الذي خلفه الصربي راييفاتش، قبل تعيين لينكز في تشرين الاول (اكتوبر) 2016. إلا أن الاتحاد يؤثر عدم التعليق على هذا الجدل. وقال قائد منتخب الجزائر في مونديال اسبانيا 1982 علي فرقاني في تصريحات سابقة لوكالة "فرانس برس"، إن الاتحاد يلجأ إلى المدربين الأجانب "لعدم ثقته بالمدربين المحليين". وأشار فرقاني الذي درب المنتخب "الأخضر" في كأس الأمم الأفريقية 1996 إلى أن "ثمة من يمكن أن يقوم بهذه المهمة على احسن وجه". أما رابح ماجر، أبرز نجوم الكرة الجزائرية والذي درّب ايضاً منتخب بلاده، فأشار إلى أن غالبية الألقاب التي احزرها المنتخب الوطني، تمت في عهد مدربين محليين، لاسيما كأس الأمم الأفريقية 1990. وقال ل "فرانس برس" إنه "لست ضد المدربين الاجانب، لكنني أتساءل كم كأسا افريقية فزنا بها مع هؤلاء المدربين؟ الجواب صفر". ويضيف "بهذه السياسة فلن نحل المشاكل". ويرى فرقاني أن الاتحاد "أخطأ في الاختيار" بالنسبة إلى المدربين، لاسيما في العام 2016 التحضيري لكأس الأمم الأفريقية، والذي استبدل فيه مدربو المنتخب ثلاث مرات. واشار على سبيل المثال، إلى أن غوركوف "لا يملك أي تجربة في تدريب المنتخبات"، وأن اختيار راييفاتش لخلافته كان "كارثة". وأضاف "تغيير المدربين في فترة قصيرة ليس جيداً (...) ما نحتاج إليه هو مديرية فنية قوية وقوية جداً حتى لا ندع القرار بيد رئيس الاتحاد وحده"، مقترحاً أن يقوم الاتحاد بتعيين مدرب أجنبي "كبير"، يعاونه مدرب محلي "حتى يتعلم على يده ويخلفه في المستقبل". ويسأل ماجر "هل نحن في حاجة إلى مدرب اجنبي لتطوير كرتنا أو منتخبنا؟ لا اعتقد ذلك". وكان غوركوف، الذي التحق بمنتخب الجزائر في 2014، فسخ عقده بإرادته في نيسان (ابريل( بعدما كان يمتد إلى تموز (يوليو) 2018. إلا أن الاتحاد الجزائري تأخر في تعيين بديل له، معتبراً أن "أجور التقنيين من المستوى العالي مرتفعة جداً". ورفض ماجر تبرير الاتحاد لناحية الاجور، مشيراً إلى أن المدربين الاجانب الذين تم التواصل معهم كانوا يخشون "عدم الاستقرار"، مذكراً باقالة راييفاتش بعد التعادل ضد الكاميرون (1-1) في تصفيات كأس العالم، بعد ثلاثة اشهر فقط من تعيينه. وكان المدرب الفرنسي رولان كوربيس الذي طرح اسمه لتولي المسؤولية، قال في تصريحات صحافية إن "العقد الذي تم اقتراحه عليّ كان قابلاً للانهاء كل شهر على مدى الاشهر العشرين! كان اشبه بعقد لشهر واحد قابل للتجديد، وهذا امر غير مقبول". وأمام غياب مترشحين لقيادة المنتخب، وفق ماجر، "تم الاتصال بليكنز الذي سبق له تدريب الخضر في 2003 قبل اقالته. وعاد لانقاذ هؤلاء الاشخاص لانهم لم يجدوا مدرباً آخر". اضاف "انا حزين على بلدي. حزين على كرة القدم وعلى المنتخب".