أصبح العالم الدكتور »أحمد زويل» عضواً في مجلس صياغة المستقبل في الولاياتالمتحدة الأميركية، وهذا المجلس يماثل إدارات التخطيط الاستراتيجي في بعض البلدان! ويختلف عنها بالمنظور الشمولي للمستقبل... فهل لنا دور في صياغة المستقبل أم نحيل الأمور برمتها إلى الأقدار؟ مع إيماننا المطلق بالقضاء والقدر من الله تعالى، ولكن ما دور الإنسان في تخطيط مستقبله على مستوى الأمة والدولة؟ وهل لا بد من أن يصل الأمر إلى درجة تجنب كتابة ووضع الدستور للبلاد على شكل تدوين الأحكام القضائية وغيرها من تقنين شؤون العباد والبلاد، مستنبطة بالكامل ومأخوذة من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية من الصحاح والمتفق عليها، حيث كان الرعيل الأول من شيوخنا الأفاضل قد تجنبوا تدوين الأحكام الشرعية، ورأوا أن في التدوين «ما لا تحمد عقباه»؟ ولو كان في التدوين عموماًَ «ما لا تحمد عقباه» لما تسارع الصحابة الأجلاء إلى تدوين الآيات القرآنية على الجلود والعظام وسعف النخل، حتى لا تُنسى الآيات، وكذلك سارعوا إلى نسخ الأحاديث النبوية للأسباب نفسها، والذى يدل على أهمية التدوين أن الله تعالى أمر «القلم» بأن يكتب كل أمور الكون من ساعة الخليقة، وحتى قيام الساعة، (ويمحوالله ما يشاء ويُثْبت، وعنده أم الكتاب)، أوليس تدوين الأحكام القضائية والفقهية وكل الأمور الشرعية ضرورة شرعية لتلافي الأخطاء واختلاف الأحكام من مكان إلى آخر وفي البلد الواحد، أو البلدان الإسلامية؟ فليس التدوين هو الذة يؤدي إلى «ما لا تحمد عقباه» كما كان يتوجس شيوخنا الكرام، بل العكس هو الصحيح، فعدم التدوين هو الذي يؤدي إلى «ما لا تحمد عقباه»، لأن عدم التدوين يؤدي إلى اجتهادات في أمور قد حسمها الشرع الحنيف. صياغة المستقبل تبدأ بتدوين الخطوات الواجب اتخاذها، والخطط الاستراتيجية! والأنظمة المرعية، والأسس القائمة عليها توجهات الأمة، على شكل بنود ولوائح، وقوائم، والأحكام المدونة،(هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون) الآية (أفمن يمشي مُكباً على وجهه أهدى، أم من يمشي سوياً على صراط مستقيم) الآية. وفى ظل تكدس القضايا، وقلة عدد القضاة، واستحالة إصدار الأحكام والبت فى القضايا كافةً، ضمن الأسقف الزمنية التى يحرص عليها الشرع الحنيف، كان لا بد من التنبه إلى ضرورة وحتمية تدوين الأحكام الشرعية التى تم الإجماع عليها، وتعميمها على جميع المحاكم الشرعية، وأن يكون الناس والمحامون على اطلاع بها، كي يعلموا ما لهم وما عليهم، ثم وبحيث لا تتأخر القضايا عن الأسقف الزمنية الشرعية للبت فيها أو إحالتها إلى محاكم التمييز بصورة آليه سريعة إذا تعثر صدور الحكم لأى سبب وفى حدود السقف الزمنى، فالشرع الحنيف حريص على حفظ دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم، وأعمارهم، فكل يوم ينقضي من دون البت فى قضاياهم، هو محسوب على أعمارهم، والأعمار بيد الله، وقد يموت الإنسان من دون أن يرى صدور الحكم في قضيته، بسبب الوقت الطويل الذي يستغرقه النظر في القضايا. وقد عملت القيادة الحكيمة والرشيدة خيراًَ بوضع النظام الأساسى للحكم، وهو نظام واضح دقيق ومتكامل، وحيث إن القيادة هى قدوة الجميع، فحرِيٌّ بالجميع الاقتداء والعمل على تدوين الأحكام القضائية الموحدة الشاملة، وتعميمها على الجميع، وستحذو الجهات الحكومية الأخرى حذوها وكذلك الأهلية، فتقوم كل جهة بوضع أنظمتها الدقيقة الشاملة والمبنية على مدونة الأحكام الشرعية، ونكون بذلك حققنا مبدأ «القرآن دستورنا»! فغالبية الناس لا تستطيع فهم واستصدار الأحكام بمجرد تلاوتهم الآيات وقراءتهم الأحاديث، فالواجب يقتضي عمل مدونة شاملة للأحكام الشرعية، ويكون ذلك بمثابة الدستور الشامل، بحيث تستنبط كل الأنظمة والقوانين منها، ولن نكون بحاجة إلى أي دستور موضوع! وبمجرد الانتهاء من هذا المشروع الحيوى المهم فى مسيرة هذه الأمة الفتية، ستزول كل العقبات، وستختفي كل المتناقضات، وسيجد الجميع كل الحلول لكل القضايا العالقة أو المحيرة، وبما يرضي الله ورسوله، وجميع أفراد أمة محمد - صلى الله عليه وسلم-. [email protected]