أكد وزير الخارجية السوداني علي كرتي التزام حكومته بإجراء استفتاء تقرير مصير الجنوب في موعده. واتهم «أطرافاً خارجية بطرح التأجيل»، فيما أكد وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط ضرورة “أن يتم أي تأجيل بالتراضي بين الجانبين ومن خلال الاقتناع بأن المصلحة تتطلب ذلك”. وكان أبو الغيط وكرتي بحثا في القاهرة أمس تطورات الأوضاع في السودان والعلاقة ما بين الشمال والجنوب والاستفتاء المقبل لحق تقرير المصير لأبناء جنوب السودان المقرر في كانون الثاني (يناير) المقبل. وقال أبو الغيط في مؤتمر صحافي مشترك مع كرتي إنه شرح للوزير السوداني الاتصالات التي تقوم بها مصر في أعقاب الزيارة التي قام بها وزير الخارجية ورئيس الاستخبارات الوزير عمر سليمان أخيراً إلى الخرطوم وجوبا، مؤكداً أن الهدف المصري الآن هو تأمين الأوضاع في السودان ومنع أي توتر يؤدي إلى اقتتال، وأن تتم العملية المتفق عليها في اتفاق نيفاشا في شكل هادئ يؤدي إلى استقرار السودان مهما كان القرار، سواء كان بالانفصال والتقسيم أو بالاستمرار في الوحدة. وأشار أبو الغيط إلى أنه بحث مع كرتي الوضع في السودان، والعلاقة بين الشمال والجنوب وكل الاجتهادات المطروحة على مائدة المفاوضات، والوضع الاقليمي والقوى الاقليمية والاجتماعات المقبلة والاجتهادات المطروحة. ووصف كرتي اجتماعه مع أبو الغيط بأنه «كان مثمراً جداً ومفيداً جداً». ورداً على سؤال حول ما يثار عن تأجيل الاستفتاء في جنوب السودان، قال الوزير السوداني إن “الحكومة السودانية ملتزمة إجراء الاستفتاء في موعده، ولكن الذي بدأ الآن بطرح مسألة التأجيل ليست الحكومة السودانية، بل أطراف خارجية زارت السودان واتضح لها حجم التعقيدات التي تواجه قيام الاستفتاء في موعده، وما يطرح فقط هو إمكانية مراجعة التوقيت ولكن هذا ليس من طرفنا”. وأضاف: “إننا ملتزمون بإجراء الاستفتاء بالطريقة الصحيحة، من حيث الترتيبات وصحتها، والنزاهة والحرية». وعلق أبو الغيط على هذا الأمر قائلاً إن الاستفتاء أمر حتمي باعتبار أنه مؤكد وجوده في اتفاق نيفاشا، ولكن يجب أن يكون الاستفتاء مثلما نص عليه، أي أنه استفتاء يعطي كل طرف حقه. والمطلوب اليوم أن نركز على الإجراءات وأن نطمئن إليها، ثم فليكن الاستفتاء في موعده»، مضيفاً: “لكن في كل الأحوال يجب أن يتم أي تأجيل إذا طرح بالتراضي بين الجانبين ومن خلال اقتناعهما بأن المصلحة تتطلب ذلك”. وفي ما يتعلق باقتراح نشر قوات دولية إضافية على الحدود ما بين الشمال والجنوب، أعرب كرتي عن اعتقاده بأن هذه مجرد فكرة طرحت في مواجهة التعقيدات الموجودة حالياً، “ولكن ليس هناك طرح واضح من أي من طرفي اتفاق نيفاشا”، مؤكداً أن “من تحدثوا عن هذه القوة أطراف قد يكون لديها إحساس بأنه قد تكون هنالك حاجة، وهي تعد نفسها لهذه الحاجة”. وأضاف: “نحن من جانبنا لا نرى وجوداً لهذه الحاجة ولا ضرورة لوجود هذه القوات، لأن وجود هذه القوات قد يكون معيناً على مزيد من التوتر. وفي تقديرنا أن نترك طرفي اتفاقية السلام يحلان بقية القضايا بالحوار أفضل من استخدام أي قوات، لأن وجودها إذا جاءت لن يستطيع مواجهة أي تهديد أو توتر، لأن التوتر يواجه بحل المعضلات، وليس بالقوات، وتجربتنا تقول إن دخول مثل هذه القوات في مناطق أخرى لم يكن في مصلحة هذه التحركات”. وعلق أبو الغيط قائلاً إن “هناك مبدأ واضحاً تتمسك به مصر وهو إرادة الدولة المستضيفة، أي أن الشمال أو الجنوب أو دولة السودان الحالية هي التي تقرر إذا ما كانت تقبل بوجود هذه القوات من عدمه، وأعتقد أن حديث وزير الخارجية السوداني يشير إلى عدم رضا السودان في الوقت الحالي على الأقل بقبول أي فصل بين الشمال والجنوب من طريق وجود قوات دولية”. ورداً على سؤال حول ما إذا كانت مصر قلقة من تعالي اصوات الانفصال، أم أن هناك فرصة للوحدة في السودان، قال أبو الغيط: “هناك بالتأكيد فرصة للوحدة، ولكن حق تقرير المصير أصبح مبدأ واضحاً ومتفقاً عليه بين الشمال والجنوب، وأملنا بأن هؤلاء الذين يتحدثون عن حق تقرير المصير في المجتمع الدولي أن يتمسكوا أيضاً بحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني”.