عند طرف منطقة صناعية تقوم اسوار عالية بيضاء اللون وقباب مغربية الشكل وكتابات باللغة العربية وباب كبير ثقيل الوزن بمسامير يفتح على مسجد مثلث الشكل يعلوه هلال: انه المدفن الاسلامي في بوبيني الوحيد في فرنسا. واقيم هذا المدفن في انتهاك لمبادىء العلمانية القائمة في فرنسا التي تمنع المدافن الدينية وذلك بموجب مرسوم رئاسي صدر في 1937 بعد 11 عاما من بناء مسجد باريس الكبير وبعد عامين من اقامة المستشفى الفرنسي الاسلامي ببوبيني الذي اصبح اليوم يطلق عليه مستشفى ابن سينا. وكانت فرنسا في ذلك التاريخ تحيي مئوية استعمارها للجزائر (1830) وتكثف مؤشرات تعلقها بتلك المستعمرة السابقة مصدر هجرة تزداد اهميتها الى المنطقة الباريسية. وكان اول من دفن في المدفن رجال قدموا من دون عائلات للعمل في فرنسا وتوفوا في المستشفى الفرنسي الاسلامي. ويحوي المدفن جناحا خصص 65 قبرا فيه لجنود مسلمين سقطوا دفاعا عن فرنسا. وادرج الجناح سنة 2006 ضمن المعالم التاريخية الفرنسية. وتبلغ مساحة المدفن اربعة هكتارات وهو مزروع باشجار السرو ويضم سبعة آلاف قبر تتجه شواهدها جميعها الى الكعبة (جنوب شرق) كما تريد تقاليد المسلمين حيث يتم دفن الجثمان مضطجعا على جنبه وقد ولي وجه الميت شطر مكةالمكرمة. وتزين الشواهد بالاهلة. وفي حين تتميز القبور القديمة ببساطتها ولونها الرمادي فان القبور الحديثة تاخذ من اسلوب الدفن الفرنسي حيث تزدان بالرخام الوردي والزهور الاصطناعية والصور والاهداءات وبشواهدها الخزفية التي تجسد صورا للقرآن او يدين مرسومتين لتجسيد الدعاء والتضرع. وبعد ان ظل لفترة يعمل وفق قانون استثنائي، اصبح المدفن في 1997 مشمولا بالقانون العام وتحت سلطة بلديات اوبرفيلي وبوبيني ودرانسي ولاكورنوف. وبين المشاهير المدفونين فيه عداء الماراثون بوقرة الوافي صاحب ميدالية فرنسا الذهبية في الالعاب الاولمبية بامستردام العام 1928 والاميرة سلمى حفيدة السلطان العثماني مراد الخامس ومحمد شريف ادجاني والد ايزابيل ادجاني. وفي 2009 ادرج متحف المدينة الوطنية لتاريخ الهجرة المدفن في برنامجه "عشرة مواقع وعشرة احداث". وتم تنظيم زيارات اليه اثناء الايام الاوروبية للتراث.