الاتفاق الذي تم التوصل اليه في ناغويا (اليابان) في محاولة لوقف انقراض الاجناس، يشكل جرعة اكسجين لنظام الاممالمتحدة الذي يتعرض لانتقادات كثيرة فيما يلقي الضوء كذلك على التنوع الحيوي الذي غالبا ما يبقى في ظل المفاوضات حول المناخ. وكان نظام المفاوضات المتعددة الاطراف للامم المتحدة تعرض لوابل من الانتقادات بعد قمة المناخ في كوبنهاغن في كانون الاول/ديسمبر بسبب اجراءات التصويت بالاجماع خصوصا، فضلا عن تكتيكات ومواقف في المفاوضات بعيدة كليا عن الرهانات. والنتيجة الايجابية لاجتماع ناغويا الذي شاركت فيه الدول ال193 الموقعة على اتفاقية الاممالمتحدة للتنوع البيولوجي جعلت المنظمة الدولية تتنفس الصعداء فحتى اللحظة الاخيرة من الاجتماع ليل الجمعة - السبت كان شبح فشل جديد لا يزال مهيمنا. ومن اجل ابطاء وتيرة انقراض الاجناس من برمائيات وطيور وثدييات ونبات، تضمن الاتفاق مجموعة من الاهداف ينبغي تحقيقها خلال العقد المقبل مع تحويل 10 % من مساحة المحيطات الى مناطق محمية في مقابل 1 % راهنا، و17 % من مساحة اليابسة (13 % راهنا). كذلك يضع الاتفاق الذي اتى نتيجة مفاوضات استمرت ثماني سنوات، اطارا قانونيا ملزما لتقاسم الارباح (صيدلة، مساحيق تجميل) الناجمة عن الموارد الجينية لدول الجنوب التي تضم الجزء الاكبر من الاجناس في العالم. واعتبرت ايزابيلا تيكسييرا وززرة البيئة البرازيلية ان "الاتفاق هنا قد يساعد في مفاوضات كانكون في المسكيك (حيث يعقد الاجتماع المقبل حول المناخ في تشرين الثاني/نوفمبر) من خلال التأكيد ان المفاوضات المتعددة الاطراف يمكن ان تؤدي الى تقدم فعلي". وان كان الاتفاق في ناغويا يرسي دينامية معينة، ينبغي عدم المبالغة في الاستنتاجات. فالرهانات مختلفة. ففي كوبهاغن كانت الدول تسعى الى الاتفاق على اهداف ملزمة لخفض انبعاثات غازات الدفيئة اما في ناغويا فان الاهداف التي ينبغي تحقيقها بحلول 2020 ليست ملزمة. يضاف الى ذلك انه منذ خيبة الامل التي سجلت ي الدنمارك، تراوح المفاوضات حول الاحترار المناخي مكانها وجمود الولاياتالمتحدة اقله الموقت حول المسألة لا يبشر خيرا. وسمح اجتماع ناغويا خصوصا في ابراز الدور الحيوي للانظمة الحيوية (في المياه والاغذية والصحة...) وليس فقط التشديد على بعد الانواع والاجناس الرمزية مثل الباندا والحيتان. وكان امير موناكو البير الثاني قال باسف هذا الاسبوع "في حين احتلت ازمة المناخ حيزا اعلاميا لا سابق له فان التنوع الحيوي يواجه صعوبات في تعبئة الصفوف وغالبا ما يبقى محصورا بالنوايا الحسنة". ومن شأن نجاح هذه القمة وتشكيل هيئة من الخبراء العلميين في الاشهر المقبلة على الارجح، توفير اداة قياس وتقدير موثوق بها كما هي الحال مع المناخ منذ الام 1988، لجعل المشكلة اكثر وضوحا للرأي العام. وقد يساعد في الحصول على صورة اوضح للمشكلة، عرض نتائج اعمال خبير الاقتصاد الهندي بافان شوخديف حول الكلفة الاقتصادية لتدهور الطبيعة على غرار ما فعل خبير الاقتصاد البريطاني نيكولاس ستيرن حول المناخ العام 2006. واعتبر جان بيار تيبو السفير الفرنسي المفوض شؤون المناخ "ثمة تأخر في المهمة. ففي ناغويا قمنا بما قمنا به العام 1997 في كيوتو بشأن المناخ. انها المرحلة التي نقر فيها سياسيا باهمية الموضوع مع معاهدة ملزمة". وتبقى مسألة تعبئة صفوف المجتمع المدني الذي كان غائبا خلال الاجتماع الذي استمر اسبوعين في اليابان في حين ان تظاهرات ضخمة نظمت في كوبنهاغن مطالبة باتفاق طموح. ويحلم كثيرون ببروز شخصية على غرار نائب الرئيس الاميركي السابق آل غور على مستوى المناخ، الذي ينقل الى الجمهور العريض هذا التهديد البيئي و"الحقيقة التي تزعج" هنا ايضا.