ودّعت موسكو الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما بهجوم عنيف، إذ اتهمته ب «تدمير» العلاقات بين الجانبين، معتبرة الأمر «أكبر خطأ في السياسة الخارجية سيبقى إلى الأبد في التاريخ». لكن روسيا أعربت عن استعدادها ل «حوار بنّاء» مع الولاياتالمتحدة، فيما أبلغت المستشارة الألمانية أنغيلا مركل أوباما أنها ستحضّ دول الاتحاد الأوروبي على «ألا تتأثر بانتقادات» الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب. وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن بلاده «مستعدة لأداء دورها في التوجّه إلى حوار بنّاء مع الولاياتالمتحدة»، مضيفاً أن موسكو اهتمت بتصريحات ترامب في شأن استعداد واشنطن للمشاركة في قتال تنظيم «داعش». أما الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف فنبّه إلى أن «روسيا ليست قادرة على أن تسوّي بمفردها، قضايا كثيرة في العالم»، مشيراً إلى أنها «ترغب في علاقات جيدة مع الولاياتالمتحدة». وأضاف: «لسنا قادرين على حلّ مسائل كثيرة في العالم ومنطقتنا، والتي تعرّض بلادنا لخطر، من دون التعاون مع الأميركيين. لذلك نحن في أمسّ الحاجة إلى علاقات جيدة مع واشنطن، ولكن يُقال إن رقصة التانغو تتطلّب شخصين، وموقف الرئيس ترامب ما زال موضع استفهام». ولفت إلى أن روسيا «لا يمكنها أن تثق» في احتمال حدوث تغييرات جذرية في سياسات الولاياتالمتحدة خلال عهد ترامب، مستدركاً: «يمكننا فقط أن نعبّر عن أملنا». وأبدى «تفهماً» لتصريحات معادية لروسيا أدلى بها مرشحون لمناصب وزارية في إدارة الرئيس الأميركي. وكان رئيس الوزراء الروسي ديمتري مدفيديف اتهم إدارة أوباما ب «تدمير العلاقات بين الولاياتالمتحدةوروسيا، ودفعها إلى أدنى مستوى لها في العقود الأخيرة»، ورأى في الأمر «خطأها الأكبر في السياسة الخارجية، والذي سيبقى إلى الأبد في التاريخ». وكتب على موقع «فايسبوك»: «بحلول نهاية الولاية الثانية لإدارة الرئيس أوباما، تدهورت تماماً علاقات روسياوالولاياتالمتحدة. يدرك الجميع أن الولاياتالمتحدة حاولت دوماً «قيادة» كل العمليات العالمية تقريباً، وتدخلت بوقاحة في الشؤون الداخلية لدولٍ، وشنّت في وقت واحد حروباً على أراض أجنبية». وأشار إلى أن العراق و «الربيع العربي» وأوكرانيا وسورية هي جزء من «قائمة مغامرات السنوات الأخيرة»، مضيفاً: «نشهد عواقبها حتى الآن: من انهيار كامل للنظم السياسية في هذه البلدان، حتى حروب أودت بحياة عشرات الآلاف». وتابع: «العلاقات بين الولاياتالمتحدةوروسيا تحدّد، بلا مبالغة، مصير المبادرات الدولية الرئيسة. أحياناً يمكن أن يعجبنا أو لا يعجبنا أمر في سياسة شركائنا الأساسيين، ولكن يجب أن نكون على مستوى من المسؤولية المشتركة. وهذا الأمر لم يتوافر لدى إدارة أوباما». وعكست مكالمة وداعية بين أوباما ومركل، توتراً في العلاقة بين المستشارة وترامب الذي كان انتقد سياستها المنفتحة على اللاجئين، إذ اعتبرها «كارثية على أوروبا»، وهدد بوقف دعم الحلف الأطلسي «البائد». وفي رد غير مباشر على ترامب، ذكر مصدر في برلين أن مركل أكدت لأوباما خلال المكالمة أن «الأوروبيين وحدهم يتحكمون بمصيرهم، وأنها ستحضّ دول الاتحاد الأوروبي على ألا تتأثر بانتقادات ترامب»، معتبرة أنها تستطيع التصدي للإرهاب وتحديات أخرى، من خلال قوتها. وأكدت للرئيس السابق أن «الروابط القوية بين ألمانيا وأميركا حيوية بالنسبة إلى للنظام العالمي». وأعلن البيت الأبيض أن أوباما ومركل اتفقا على أن التعاون «جوهري لضمان رابطة متينة بين القارتين، لضمان نظام دولي يدافع عن القيم ويدفع بالتقدّم البشري إلى أمام». وسُئلت مركل عن مستقبل العلاقات الأميركية – الألمانية، فأجابت أن «مواقف ترامب باتت معروفة»، مستدركة أنها تفضّل الانتظار «إلى أن يتسلّم الرئيس الجديد منصبه رسمياً». وانتقد وزير المال فولفغانغ شويبله، الرجل الثاني القوي في الحزب المسيحي الديموقراطي الذي تتزعمه مركل، الرئيس المُنصّب على تهديداته لشركات السيارات العالمية، وانزعاجه من رؤية سيارات «مرسيدس» بكثرة في شوارع الولاياتالمتحدة، فيما أن أحداً في ألمانيا تقريباً لا يشتري سيارة «شيفروليه» الأميركية. وانتقد ترامب امتناع شركات السيارات الألمانية عن إنتاج مزيد من السيارات في الولاياتالمتحدة، محذراً من أنه سيفرض ضريبة جمركية قيمتها 35 في المئة، على السيارات المستوردة إلى السوق الأميركية. وقال شويبله لموقع «شبيغل أونلاين»: «إذا كان ترامب يريد أن يفرض على الأميركيين أي ماركة سيارة عليهم شراؤها، أتمنى له الكثير من الحظ! ليس هذا تصوّري لأميركا، وأعتقد بأن ذلك ليس تصوّره أيضاً. الولاياتالمتحدة وقّعت اتفاقات دولية، ولا أعتقد بأن حرباً تجارية ضخمة ستندلع غداً، ولكننا سنصرّ على التزام الاتفاقات القائمة». إلى ذلك، شدد رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي على أن «التحالف الياباني - الأميركي كان وما زال وسيبقى حجر أساس للسياسات الديبلوماسية والأمنية لبلدنا». وأضاف أمام البرلمان: «أهدف إلى زيارة الولاياتالمتحدة في أقرب وقت، لتحصين رباط التحالف معاً في شكل أكبر مع الرئيس الجديد ترامب». وكان آبي اعتبر بعد لقائه ترامب في نيويورك إثر الانتخابات الأميركية، أنه «قائد جدير بالثقة». لكن الأخير أثار مخاوف في طوكيو ودول منطقة آسيا - المحيط الهادئ، بتعهده جعل حلفاء الولاياتالمتحدة يدفعون أكثر في مقابل الأمن الذي تؤمنه القوات الأميركية، ومعارضته اتفاق الشراكة التجارية عبر المحيط الهادئ. في السياق ذاته، أعرب كوساي شيندو، رئيس مجلس إدارة اتحاد الحديد والصلب في اليابان، عن «قلق من أخطار تبنّي إدارة ترامب إجراءات أو سياسات للحماية التجارية». في غضون ذلك، أعلنت الحكومة المكسيكية أن وزيرَي الخارجية لويس فيدغاراي والاقتصاد إلديفونسو خواخاردو سيجريان محادثات مع رينس بريباس، أبرز موظفي البيت الأبيض، وجاريد كوشنر، صهر ترامب ومستشاره، في واشنطن في 25 و26 الشهر الجاري، لمناقشة العلاقات الثنائية، مثل الأمن والتجارة والهجرة. وكان ترامب هدّد بفرض رسوم على دخول المنتجات المكسيكية إلى السوق الأميركية، وبتشييد جدار على حدود البلدين والتخلّي عن اتفاق للتجارة الحرة مع المكسيك، إن لم يتمكّن من إعادة التفاوض عليه بحيث يخدم المصالح الأميركية.