تضاربت الأنباء أمس، حول الجهة المسيطرة على العاصمة الليبية طرابلس إثر إعلان مصادر حكومة الوفاق برئاسة فائز السراج استردادها مقارّ وزارية بعد ساعات من ظهور رئيس حكومة الإنقاذ المنافسة خليفة الغويل في وزارة الدفاع، معلناً في مؤتمر صحافي استعادة سيطرته على الحكم. وشهدت طرابلس حركة طبيعية بالنسبة إلى يوم الجمعة، فيما توجه السكان للصلاة في مساجد الأحياء وانصرفوا لاحقاً لتأمين بعض مسلتزماتهم. وفي اتصال هاتفي مع «الحياة»، أفاد سكان أحياء عدة بأنهم لم يشهدوا أي توترات أو انتشار أمني غير طبيعي، وأجمعوا على الشكوى من انقطاع التيار الكهربائي ساعات طويلة. وامتلأت مواقع التواصل الاجتماعي، المتنفس الوحيد لليبيين للتعبير عن آرائهم، بتعليقات ساخرة لأبناء العاصمة مفادها أن «السراج يسيطر على طرابلس صباحاً... والغويل ليلاً»، نظراً لوقوع المدينة تحت سيطرة ميليشيات تتبدل ولاءاتها باستمرار. في المقابل، قالت مصادر قريبة من الغويل إنه يحتفظ بسيطرته على وزارات عدة، أهمها وزارة الدفاع التي انسحب منها المسؤول العسكري في البعثة الدولية إلى ليبيا الجنرال باولو سييرا بعدما اتخذها مقراً، وأعاد التمركز في قاعدة «بوستة» البحرية، المكان الوحيد المؤمن في المدينة بالنسبة إلى حكومة الوفاق. وأضافت المصادر أن الغويل توجه إلى مسقط رأسه في مصراتة كعادته يوم الجمعة، وسيعود السبت إلى طرابلس وأمهل الموالين للسراج حتى غد الأحد لتسليم مقارهم. وأشارت المصادر إلى أن الغويل تعاقد مع شركة «كارادينيز هولدنغ» التركية لاستيراد سفينة لتوليد الكهرباء ستصل شواطى طرابلس هذا الأسبوع، لتزويد العاصمة الكهرباء، بما يخفف الضغط على معامل الإنتاج ويسمح بإمداد الضواحي بالتيار لفترات أطول. في المقابل، تناقلت وسائل إعلام محلية ما أعلنه علي قلمه محمد وزير العمل في حكومة الوفاق، عن «استرداد مقرات الوزارة» في العاصمة الليبية، فيما أعلنت مصادر السراج تكليف وحدات من الجيش لضبط الأمن والتصدي لأي محاولة للسيطرة على مقار تابعة للحكومة. وأشارت المصادر ذاتها إلى أن جماعة الغويل سيطرت على وزارتي العمل والدفاع فقط. وقال وزير العمل في حكومة الوفاق إن «على حكومة الإنقاذ السابقة احترام إرادة الليبيين والمجتمع الدولي»، داعياً موظفي الوزارة إلى الالتزام بالعمل. وأشار قلمه إلى أن «الوضع الأمني في العاصمة طرابلس أثر سلباً على برامج الوزارة، إذ تعرضت مقارها لاقتحام وخطف بعض موظفيها». وأوردت الصفحة الرسمية لإدارة التواصل والإعلام التابعة لحكومة الوفاق، أن «رئيس المجلس الرئاسي المكلف أحمد معتيق ونائب الرئيس فتحي المجبري عقدا اجتماعاً ضم وزير الدفاع العقيد المهدي البرغثي، ورئيس الحرس الرئاسي العميد نجمي الناكوع، تمت خلاله مناقشة آخر المستجدات في طرابلس نتيجة تحرك مجموعات مسلحة خارجة عن القانون في محاولة يائسة لزعزعة أمن العاصمة». ورأى مراقبون أن التطورات الأخيرة دفعت حكومة السراج المنبثقة من اتفاق الصخيرات برعاية الأممالمتحدة، إلى التودد لمجلس النواب في الشرق، لكي تكمل مهماتها بعد انتهاء مدة ولايتها. أما الغويل وأركان المؤتمر الوطني (برلمان طرابلس المنتهية ولايته) فيتواصلون مع مجلس النواب لإنشاء حكومة وحدة وطنية تدمج حكومتي طرابلس والبيضاء من أجل كسب شرعية وتهميش حكومة السراج. ورأى هؤلاء أنه في كلا الحالين انتزع البرلمان المنتخب الذي يتخذ من طبرق مقراً له، زمام المبادرة وأصبح العراب لما قد يحدث في طرابلس مستقبلاً، خصوصاً أن هذا البرلمان مدعوم من الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر الذي يهدد بخلط الأوراق من خلال تحالفه مع الروس أخيراً لمكافحة الإرهاب.