انتقد الرئيس رجب طيب أردوغان المعارضة في تركيا، مؤكداً أن تعديلاً دستورياً لتحويل النظام رئاسياً سيمرّ في البرلمان، «شئتم أم أبيتم»، تمهيداً للتصويت عليها في استفتاء عام. وردّت المعارضة معتبرة أن من «واجبها» رفض تعديلات دستورية لا تصبّ في مصلحة البلاد. أتى ذلك بعدما شهد البرلمان واحدة من أسوأ لياليه وأشرسها عراكاً، بين نواب حزب «العدالة والتنمية» و «حزب الشعب الجمهوري» المعارض، إذ تبادلوا لكمات ودفعوا بعضهم بعضاً، بعد تجمّعهم حول المنصة، ما أدى إلى تكسير أجزاء منها، وجرح نائبين من الحزب الحاكم، أحدهما كسر أنفه، فيما تعرّض الآخر إلى عضّة قوية في رجله. وبدأ العراك بعد تطويق عشرات من نواب «حزب الشعب الجمهوري» المنصة، محاولين عرقلة التصويت على مواد التعديل الدستوري، بحجة أنه يتم بطريقة منافية للدستور وقواعد الديموقراطية، إذ إن نواب الحزب الحاكم يكشفون عن لون أصواتهم علناً، متجنّبين دخول الأماكن المخصصة لتسهيل الاقتراع السري، ما اعتبرته المعارضة وسيلة مراقبة قمعية من قيادة «العدالة والتنمية»، لردع أي نائب يخرج عن الإجماع ويرفض التعديلات. وسعى نواب الحزب الحاكم إلى إعادة نواب المعارضة إلى مقاعدهم، محاولين انتزاع الهاتف الخليوي الخاص بنائب في «حزب الشعب الجمهوري»، كان يصوّر ما يحدث، وبدأ العراك بين الجانبين. وسُجِلت المسؤولية على الحزب المعارض في محضر الجلسة، اذ إن المصابين هم من الحزب الحاكم. وعلى رغم العراك، أُقرّت المواد الثالثة والرابعة والخامسة من مشروع التعديلات، ويضمّ 18 مادة، خلال جلسة استمرت حتى فجر أمس. لكن النائب عن حزب «العدالة والتنمية» الحاكم مصطفى سنتوب، رئيس لجنة الدستور في البرلمان، حذر من أن تركيا ستنظّم انتخابات نيابية «إذا لم يُقرّ الاقتراح في الجلسة العامة، ولو لم يكن أي شخص يؤيّده». وعلّق أردوغان على العراك في البرلمان، مخاطباً المعارضين: «شئتم أم أبيتم، التعديلات ستمرّ في البرلمان، ولو تتطلّب الأمر شهراً، لا أسبوعين، وستُعرض على الشارع في استفتاء عام». واتهم المعارضة بالهروب من الشعب والخوف من الاستفتاءات الشعبية، وزاد: «إذا كنتم تحترمون الشعب وإرادته، دعوا هذه المناقشات تنتهي، لكي يتخذ الناس قراراً» في شأن التعديلات. ورفض أردوغان اتهامات بمحاولة «إقامة نظام رجل واحد»، لافتاً إلى أن «حزب الشعب الجمهوري» يعرف هذا النظام، في إشارة إلى مصطفى كمال أتاتورك الذي تفرّد بحكم تركيا، من دون تعدّد حزبي. وأكد أن «لا مشكلة» له مع العلمانية والديموقراطية، معتبراً أن تركيا دولة تحظى ب «المقدار ذاته من الحريات الموجودة في الدول الغربية، بل أكثر». واستشهد بالرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب الذي رفض السماح لمراسل شبكة «سي أن أن» الأميركية بتوجيه سؤال إليه، بعد نشر الشبكة معلومات عن احتفاظ روسيا بملف يمسّ بترامب. وقال أردوغان: «في أبرز الدول الديموقراطية، من حق الرئيس منع أي صحافي من التحدّث إليه». وعلّق رئيس «حزب الشعب الجمهوري» كمال كيليجدارأوغلو على تصريحات الرئيس، قائلاً: «واجبنا رفض أي تعديلات دستورية في البرلمان، نرى أنها ليست في مصلحة الدولة. ونحن لا نهرب من الشارع، مَن يهرب هو مَن يمنع شبكات التلفزة من نقل جلسات نقاش هذه المواد إلى الشارع»، في إشارة إلى إصرار الحكومة على رفض نقل التلفزيون جلسات البرلمان لمناقشة التعديلات. إلى ذلك، رأى أردوغان أن هناك مؤامرة دولية كبرى على تركيا، من أجل «إخضاعها» لرغبات الغرب وسياساته، وذلك من خلال تسليط تنظيمات إرهابية ضد تركيا وشعبها، وزعزعة استقرار اقتصادها. واتهم مَن يحمل عملة صعبة ولا يصرفها إلى ليرة تركية، بأنه «إرهابي يحمل سلاحاً ضد شعبه، إذ لا فرق الآن بين مَن يحمل سلاحاً أو عملة صعبة في تركيا، لزعزعة أمن الشعب».