أقرّت الولاياتالمتحدة، أمس، بأن جنوداً من قواتها الخاصة نفّذوا إنزالاً بالطائرات ضد تنظيم «داعش» في عمق «دولته» بمحافظة دير الزور، شرق سورية، في هجوم نادر تردد أنه أدى إلى مقتل 25 من عناصر التنظيم وأسر آخرين، وهي حصيلة قال الناطق باسم وزارة الدفاع الأميركية الكابتن جيف ديفيس إنها «مبالغ فيها كثيراً» على رغم تأكيده «نجاح» العملية. وأوحت المعلومات المتوافرة عن الإنزال بأن الأميركيين كانوا يستهدفون شخصية بارزة في «داعش»، إذ نقلوا معهم جثث قتلى التنظيم، إضافة إلى الأسرى، في مؤشر إلى أنهم يريدون إجراء فحوص للحمض النووي للتأكد مما إذا كانوا نالوا ضالتهم. وجاء الإنزال فيما حقق حلفاء الأميركيين الأكراد تقدماً جديداً ضد «داعش» في معركة «غضب الفرات» في محافظة الرقة، وخاض الأتراك وحلفاؤهم السوريون في عملية «درع الفرات» معارك كر وفر مع «داعش» قرب معقل التنظيم في مدينة الباب بريف حلب الشرقي. وبالتزامن، واصل الجيش الروسي الضغط على حلفائه في دمشق لاستعجال تشكيل «الفيلق الخامس - اقتحام» ليكون عموداً عسكرياً في النفوذ الروسي في سورية يشبه إلى حد كبير «جيش الشرق» الذي أسسته فرنسا خلال الانتداب على سورية بداية القرن العشرين مع احتمال أن يرمي التشكيل الجديد إلى مواجهة النفوذ المتصاعد ل «قوات الدفاع الوطني» وميليشيات مدعومة من إيران، وتثبيت السلم بعد قمع ما تبقى من جيوب للمعارضة. في غضون ذلك، أكد الرئيس السوري بشار الأسد أن منطقة وادي بردى، خزان مياه دمشق، والتي شهدت الإثنين تجدداً للمعارك، غير مشمولة باتفاق وقف النار. وقال في مقابلة مع وسائل إعلام فرنسية، وفق ترجمة عربية نشرتها وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أمس، أن «وقف النار لا يشمل النصرة وداعش»، لافتاً إلى أن منطقة وادي بردى «تشمل الموارد المائية للعاصمة دمشق تحتلها النصرة... بالتالي فهي ليست جزءاً من وقف النار». وأضاف أن «دور الجيش السوري هو تحرير تلك المنطقة لمنع أولئك الإرهابيين من استخدام المياه لخنق العاصمة». وتعد منطقة وادي بردى التي تبعد 15 كيلومتراً من دمشق مصدر المياه الرئيسي للعاصمة. وبدأ الجيش النظامي هجوماً للسيطرة على المنطقة في 20 كانون الأول (ديسمبر)، وتسببت المعارك بعد يومين من اندلاعها في انقطاع المياه بالكامل عن معظم أحياء دمشق، نتيجة تضرر إحدى مضخات المياه الرئيسية وفق «المرصد السوري لحقوق الإنسان». وخلال المقابلة، أعرب الأسد عن استعداده للتفاوض على كل الملفات باستثناء مسألة بقائه في السلطة. وقال: «نحن مستعدون للتفاوض حول كل شيء. عندما تتحدث عن التفاوض على إنهاء الصراع في سورية أو حول مستقبل سورية فكل شيء متاح وليست هناك حدود لتلك المفاوضات». ورداً على سؤال عن استعداده لمناقشة مصيره كرئيس، أجاب الأسد: «نعم، لكن منصبي يتعلق بالدستور، والدستور واضح جداً حول الآلية التي يتم بموجبها وصول الرئيس إلى السلطة أو ذهابه (...) الشعب السوري كله ينبغي أن يختار الرئيس». لكنه أردف متسائلاً: «من سيكون هناك من الطرف الآخر؟ لا نعرف حتى الآن. هل ستكون معارضة سورية حقيقية؟ وعندما أقول حقيقية فإن ذلك يعني أن لها قواعد شعبية في سورية». على صعيد الإنزال في دير الزور، قال مسؤولون أميركيون إن جنوداً من قوة كوماندوس أسروا عدداً من قادة «داعش» بعدما نفّذوا هجوماً برياً نادراً في قرية الكبر في قلب مناطق سيطرة التنظيم على نهر الفرات، شمال مدينة دير الزور. وقضى الجنود الأميركيون أقل من ساعتين في موقع الهجوم الذي وصلوا إليه بطائرات مروحية، ثم انطلقوا عائدين إلى قاعدتهم ونقلوا معهم جثث قتلى وأسرى. وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن 14 من «داعش» قُتلوا في هجوم القوات الخاصة على حافلة كانت تقلهم قرب الكبر، فيما قُتل 11 من التنظيم في هجوم آخر نفّذه المهاجمون - الذين كانوا يتحدثون العربية - واستهدف مقر شركة مياه قريبة. وتعرضت الكبر لهجوم بطائرات إسرائيلية عام 2007 استهدف ما يُشتبه في أنه مفاعل نووي سري. ونقلت «فرانس برس» عن مصدر في «قوات سورية الديموقراطية»، حليفة الأميركيين، إن الإنزال استهدف قياديين بارزين في «داعش». ونسبت «واشنطن بوست» الى مسؤولين أميركيين إن عناصر الكوماندوس عادوا سالمين، مشيرة إلى أن القوة المهاجمة هي على الأرجح من وحدات «العمليات الخاصة» ومقرها العراق. وأكد ناطق باسم التحالف الدولي الذي تقوده أميركا تنفيذ العملية في دير الزور، من دون ذكر تفاصيل. وهذه هي العملية البرية الثانية التي يقوم بها الأميركيون ضد «داعش» في دير الزور. وحصلت الأولى في أيار (مايو) 2015 وأسفرت عن مقتل «أبو سياف» أحد أبرز قادة «داعش». وفي تموز (يوليو) 2014، نفّذ الأميركيون إنزالاً قرب الرقة، في شمال شرقي سورية، من أجل إنقاذ رهائن غربيين، لكنهم لم يعثروا عليهم.