مقديشو - رويترز، أ ف ب - قال سكان إن قوات الحكومة الصومالية هاجمت مواقع المتمرّدين في العاصمة مقديشو أمس الجمعة، مما فجّر معارك في شتى أنحاء المدينة قُتل فيها ما لا يقل عن 15 شخصاً. وتخشى الدول المجاورة وقوات أمن غربية من أن يتحوّل الصومال الذي يعيش في صراع أهلي منذ 18 عاماً، إلى ملاذ لمتشدّدين على صلة ب «القاعدة». وقال شهود إن أربعة مقاتلين من حركة «الشباب» المتشددة قتلوا. كما قُتل جنود حكوميون ومدنيون وصحافي يعمل في محطة إذاعة «شابيلي» المحلية المستقلة. واحتمى السكان بمنازلهم حيث تبادل الجانبان إطلاق نيران كثيفة. وقالت حليمة عثمان وهي أم لثلاثة تعيش في سوق البكارة المترامي الأطراف في مقديشو ل «رويترز»: «رأيت رجالاً ملثمين يفرون وهم يحملون جثث أربعة من رفاقهم. دهشنا حين شاهدنا رجالاً بالزي الحكومي يقاتلون في البكارة. لقد استعادوا السيطرة على أربعة مراكز للشرطة من هنا وحتى القصر ويتقدّمون أكثر». وتقول الحكومة إن الأمل ضعيف في التفاوض مع مقاتلي «الشباب» الذين ليس لديهم أجندة سياسية ودخل في صفوفهم مئات من المتطرفين الأجانب. وذكرت مصادر في مستشفيين في مقديشو أنهما استقبلا 85 مدنياً مصاباً بجروح أمس وأن أربعة منهم توفوا لاحقاً. وقال سكان في حي هودون في مقديشو إنهم شاهدوا ست جثث لمتمرّدين في مركز للشرطة. وذكر سكان أن هجمات أمس التي بدأت قبل الفجر بدت كجهود منسّقة من جانب القوات الموالية للحكومة لاستعادة السيطرة على مواقع استراتيجية في العاصمة يسيطر عليها المتمردون. وقال أحد السكان: «طوّقوا سوق البكارة وهو أكبر معقل للشباب في المدينة. لمصلحة السلام نأمل ألا تنسحب القوات الحكومية لاحقاً». ونقلت وكالة «فرانس برس» عن شهود أن ثمانية قُتلوا أمس في مقديشو جراء سقوط قذيفة هاون على حافلة كانت تقلّهم. وأوردت أن هجوم القوات الحكومية صباحاً استهدف ثلاثة أحياء هي تاربونكا وباكارا وهاولواداغ التي يسيطر عليها المتمردون في جنوب مقديشو، وخفّت حدة المعارك ظهراً حيث لم يعد يسمع إلا طلقات متفرقة من اسلحة رشاشة. ونقلت عن فرحان مهدي محمد الناطق باسم الجيش الصومالي تأكيده أمس ان قوات الجيش استعادت السيطرة على الأحياء الثلاثة التي كانت تحت سيطرة المتمردين. وقال «إن الحكومة تريد التخلص (من المتمردين الاسلاميين) والمعارك ستستمر حتى تتمكن من ذلك». غير أن ناطقاً باسم حركة «الشباب» نفى هذه المعلومات. وقال شيخ علي محمود راجي لوكالة «فرانس برس»: «هاجم أعداء الله مواقعنا هذا الصباح ومقاتلونا يدافعون عن أنفسهم حالياً. وهم (جنود الحكومة) لم يستعيدوا السيطرة على هذه المواقع». وقال شهود رداً على اسئلة وكالة «فرانس برس» إن القوات الحكومية كانت تتراجع امام تقدّم المتمردين. وقال حسن مهدي الناطق باسم حزب الإسلام وهو حركة متمردة أخرى تقاتل الحكومة في اتصال هاتفي مع «رويترز» إن القوات الحكومية هاجمت مواقع الحزب ايضاً. وقال مهدي الذي كان يتحدث على دوي اطلاق كثيف للنيران: «الشباب وحزب الاسلام يصدان الهجوم... أجبرناهم على التقهقر في بعض الأماكن. هناك خسائر في الأرواح لكن لا استطيع أن أحدد العدد. نحن في وسط المعارك». وقُتل في تبادل لإطلاق النار الصحافي الصومالي عبدالرزاق وارسيم بينما كان متوجهاً إلى عمله في الاذاعة. وقال مختار محمد هيرابي رئيس اذاعة شابيلي ل «رويترز»: «أصابته رصاصة طائشة في الرأس ومات فوراً». ومنذ السابع من ايار (مايو) شن المتمردون هجوماً غير مسبوق قادته ميليشيا «حزب الإسلام» بزعامة الشيخ حسن طاهر عويس وعناصر حركة «الشباب» للاطاحة بحكم الرئيس شيخ شريف شيخ أحمد الاسلامي المعتدل الذي انتخب في كانون الثاني (يناير) رئيساً للبلاد. وقتل عشرات ونزح عشرات الالاف من المدنيين في أسوأ معارك تشهدها البلاد منذ شهور على مدى الأسبوعين الماضيين. ومنذ بداية عام 2007 أودى القتال بحياة 17700 مدني وأجبر أكثر من مليون شخص على ترك ديارهم. ويعيش أكثر من ثلاثة ملايين آخرين على المساعدات الغذائية. وذكرت وكالة غوث اللاجئين التابعة للأمم المتحدة أن 46 الفاً فروا من معارك مقديشو خلال الاسبوعين الماضيين فقط. ويسيطر متمردون اسلاميون منهم متمردو حركة «الشباب» التي تقول واشنطن إن لها صلات قوية بتنظيم «القاعدة»، على أجزاء كبيرة من جنوب الصومال ووسطه. وعلى رغم نجاحهم في إعادة الأمن في شكل نسبي إلى بعض المناطق إلا أن تفسيرهم المتشدد للشريعة الإسلامية ينفّر بعض الصوماليين وهم عادة مسلمون معتدلون.