أكملت قوات الأمن العراقية خطوة مهمة في الحملة العسكرية لاستعادة مدينة الموصل، إذ تمكّنت أمس من السيطرة على حي استراتيجي يطل على أحد الجسور الخمسة الرابطة بين جانبي المدينة، فيما حققت قوات الشرطة الاتحادية تقدماً آخر في الأحياء الجنوبية، وبذلك يقترب الجيش من السيطرة على نصف الموصل بعد 11 أسبوعاً من انطلاق العمليات العسكرية. ويكشف سير العمليات خلال الأسبوع الماضي عن فاعلية خطط الحكومة في المرحلة الثانية للحملة العسكرية التي تطلبت إرسال تعزيزات من قوات الشرطة الاتحادية لإسناد قوات مكافحة الإرهاب التي تعرضت لاستنزاف طيلة الشهر الأول من العمليات. وأعلن قائد عمليات نينوى الفريق الركن عبد الأمير رشيد في بيان أمس، أن «قوات جهاز مكافحة الإرهاب تمكّنت صباح اليوم (أمس) من تحرير حي الغفران شمالي حي الوحدة، في ساحل الموصل الأيسر». وأشار إلى أن «تلك القوات رفعت العلم العراقي فوق مبانيه»، مضيفاً أن «قطعات أخرى من جهاز مكافحة الإرهاب تمكّنت من تحرير حي الرفاق في الساحل الأيسر من الموصل». وتكمن أهمية حي الغفران، المعروف سابقاً باسم حي البعث، بوقوعه على طريق مهم نحو أحد الجسور الخمسة الرابطة بين جانبي الموصل، إذ باتت قوات الأمن على بعد نحو 500 متر من الجسر المعروف باسم «الجسر الرابع»، وسيطرة الجيش عليه سيحجّم قدرة مقاتلي «داعش» على المناورة داخل الأحياء، ويقرّب قوات الأمن من السيطرة على الجانب الشرقي للمدينة خلال أيام. إلى ذلك، أعلنت قوات الشرطة الاتحادية في بيان أن قطعات الرد السريع تمكّنت من السيطرة على مستشفى السلام وكلية الطب ومستشفى الشفاء في حي الوحدة جنوب شرقي الموصل، كما سيطرت على مقر لعمليات «داعش» كان بقيادة مقاتلين شيشان، وتم العثور على خرائط هجماتهم على قوات الأمن العراقية. وشاركت قوات الشرطة الاتحادية في المعارك داخل الموصل خلال المرحلة الثانية من الحملة العسكرية التي انطلقت قبل أسبوعين، وهو ما فسح المجال لقوات مكافحة الإرهاب للقيام بمهمات اقتحامية نحو الأحياء القريبة من ضفة نهر دجلة. وكانت قوات من الجيش حققت أول اختراق في شمال الموصل أول من أمس، بإسناد من المدفعية الأميركية وتمكّنت من اقتحام مجمع مساكن الهضبة وعبور أحد الأنهار تحت جنح الليل في هجوم مباغت أجبر مسلحي «داعش» على الانسحاب نحو الأحياء القريبة من الجسور المدمرة. وكان طيران التحالف الدولي دمر خلال الشهر الماضي جميع الجسور الخمسة الرابطة بين جانبي الموصل في محاولة لقطع إمدادات «داعش» القادمة من الجانب الغربي حيث تقبع ترسانته البشرية والعسكرية، ويتوقع أن تكون المعارك شديدة في هذا الجانب بعد الانتهاء من العمليات العسكرية شرق الموصل. ونقلت وكالة رويترز للأنباء عن متحدث باسم جهاز مكافحة الإرهاب قوله، إن القوات العراقية اقتربت من نهر دجلة الذي يمر بوسط الموصل في إطار حملتها على «داعش»، والتي قويت وتيرتها بفضل تكتيكات جديدة وتنسيق أفضل. وأوضح المتحدث أن القوات العراقية تقدمت أمس لتصبح على بعد بضع مئات من الأمتار من نهر دجلة، كما شهدت الأيام الماضية تطورات منها هجوم ليلي غير مسبوق نفذته القوات الخاصة وأخرجت فيه المتشددين من عدة مناطق شرق النهر في الموصل التي تعتبر آخر معاقل التنظيم الكبرى في العراق. وقال المتحدث إن القوات في أقرب نقطة بلغتها على الإطلاق من نهر دجلة في الموصل وتقترب من جسر استراتيجي. وأضاف المتحدث، صباح النعمان، للصحافيين في شرق الموصل: «باتت قوات جهاز مكافحة الإرهاب قيادة العمليات الخاصة أو الرتل الجنوبي على بعد 500 متر تقريباً من الجسر الرابع، وهو أول جسر على نهر دجلة». وأوضح أن جهاز مكافحة الإرهاب سيطر على حي الغفران (حي البعث سابقاً) ودخل حي الوحدة المجاور. وقال بيان منفصل للجيش إن الشرطة العراقية استعادت السيطرة على مجمع طبي في حي الوحدة بجنوب شرق الموصل في تحوّل مهم بعد اضطرار وحدات الجيش الانسحاب من الموقع في الشهر الماضي. وتسارعت وتيرة تقدم الجيش بعد أن تعثرت لأسابيع بسبب مقاومة مسلحي «داعش» ووجود عدد كبير من المدنيين داخل المدينة. وقال النعمان إن التقدم الجديد جاء نتيجة تكتيكات جديدة وتحسين التنسيق بين أفرع الجيش المختلفة. وأضاف: «نحن الآن نسير بالموازنة في المحورين» في جنوب شرقي الموصل في إشارة لجهاز مكافحة الإرهاب والشرطة الاتحادية. وقال: «نحن نسير جنباً إلى جنب بتوقيت زمني والمسافة في نفس المستوى. وهذا حقيقة عامل مهم لم يستطع التنظيم من خلاله أن يقوم بعمليات مناورة لنقل مقاتليه وإسناد محور على حساب محور آخر. استنزفنا التنظيم الإرهابي في هذا النوع من التقدم». وقال إن العملية التي جرت مساء الجمعة بعد تخطيط على مدى أسبوع كانت ناجحة جداً. وأشار إلى أن قوات جهاز مكافحة الإرهاب استخدمت معدات الرؤية الليلية لعبور نهر الخوصر، وهو أحد روافد دجلة ويمر عبر شرق الموصل، وذلك على جسور متنقلة بعدما دمر تنظيم «داعش» الجسور الدائمة. وبدأت العملية المدعومة من الولاياتالمتحدة لاستعادة المدينة قبل ثلاثة شهور تقريباً. وساهمت الضربات الجوية التي نفذها التحالف بقيادة الولاياتالمتحدة في تسريع وتيرة دخول القوات لحي المثنى. وجهاز مكافحة الإرهاب والشرطة الاتحادية جزء من قوة عراقية قوامها 100 ألف فرد تضم قوات من الجيش ومقاتلين أكراداً ومقاتلين شيعة وتدعمها قوة جوية بقيادة الولاياتالمتحدة.