اتهم وزير الخارجية المغربي الطيب الفاسي الفهري من وصفهم ب «خصوم بلاده» بأنهم مارسوا نوعاً من «التهييج المفرط والتصعيد العدواني» منذ الإعلان عن استئناف المفاوضات حول الصحراء. وقال الفاسي الفهري أمام مجلس النواب مساء أول من أمس إن التصعيد بلغ مداه من خلال رفض معاودة استئناف الزيارات المتبادلة بين الصحراويين برعاية مفوضية اللاجئين. ووصف منع وفد من الصحراويين توجه إلى تندوف الشهر الماضي على متن طائرة تابعة للأمم المتحدة من زيارة ذويهم، بأنه كان «منعاً تعسفياً» يسيء إلى مشاعر الصحراويين، إضافة الى أنه يشكّل انتهاكاً لقرارات مجلس الأمن الرامية إلى معاودة بناء الثقة، بخاصة القرار الرقم 1920، الذي يشجع الطابع الإنساني لعملية تبادل الزيارات. وأضاف الوزير الفاسي في رده على استفسارات نواب في الغالبية والمعارضة حول مصير المنشق الصحراوي مصطفى سلمى ولد مولود، الذي يبدو أنه لا يزال معتقلاً في تندوف جنوب غربي الجزائر، أن السؤال الجوهري بات يطرح اليوم حول «ماهية الولاية الإقليمية التي تمارس قانوناً وسلطة فوق جزء من الأراضي الجزائرية»، موضحاً أن جبهة «بوليساريو» باعتقالها مصطفى سلمى داخل الحدود الجزائرية «ذهبت إلى حد إعطاء نفسها حق إسقاط صفة لاجئ عنه». وقال بهذا الصدد إن الجزائر هي الطرف المخوّل، طبقاً للقانون الدولي الإنساني، قبول أو رفض تواجد أي لاجئ فوق أراضيها. وأوضح أن مصطفى سلمى كان يعيش في مخيمات تندوف كلاجئ ولذلك «فإنه يخضع للولاية الحصرية للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين» في ما يخص حمايته ومده بالمساعدة. وجدد الفاسي الفهري رفض حكومة بلاده لما وصفه ب «المبررات الواهية» لاعتقال مصطفى سلمى، مؤكداً أن الأمر يتعلق «باختطافه» عندما كان بصدد العودة إلى المخيمات لزيارة ذويه. وقال إن الكلام عن اعتقاله في «المناطق المحررة» عار من الصحة، موضحاً أن وجود منطقة عازلة شرق الجدار الدفاعي الأمني يفرض حظر أي نشاط عسكري أو مدني بها. واتهم «بوليساريو» بالتراجع عن قرار الإفراج عنه ووضعه «تحت الحراسة»، مؤكداً أن الحكومة المغربية تندد باستمرار احتجازه، وأن قضيته «لا تعدو أن تكون حالة من بين آلاف الحالات الرافضة لأسلوب الاستبداد»، إضافة إلى كونها «تعكس التجاوب القائم داخل مخيمات تندوف مع خطة المغرب للحكم الذاتي»، في إشارة إلى التزام مصطفى سلمى العودة إلى المخيمات للدفاع عن هذا الخيار. واستخف الوزير المغربي بكلام «بوليساريو» عن العودة إلى حمل السلاح والدعوة إلى فرض عقوبات اقتصادية على بلاده، معتبراً أن ذلك يندرج في إطار «حملات استفزازية». وانتقد ما وصفه ب «استغلال بعض المطالب الاجتماعية لسكان الصحراء لأهداف سياسية» وقال إن هذا الأسلوب يتعارض وقرارات مجلس الأمن الدولي التي تدعو إلى «توفير الأجواء الملائمة لاستئناف المفاوضات والانخراط فيها بحسن نية». وخلص إلى أن بلاده تتعاطى والملف المطروح أمام الأممالمتحدة «بكل رصانة وحزم ومسؤولية». وكانت الكتل النيابية في المعارضة والموالاة دعت الحكومة إلى التعبئة واليقظة، مطالبة إياها بالتحرك على كل الواجهات لإطلاق مصطفى سلمى. ويسود اعتقاد أنه على رغم الاتفاق مبدئياً على عقد جولة جديدة من المفاوضات مطلع الشهر المقبل، فإن التوتر الذي يهيمن على المنطقة يلقي بظلاله على جهود الوفد الدولي كريستوفر روس الذي بحث في جولته الراهنة التي ستنتهي بزيارة المغرب، عن مخرج لتجاوز المأزق الراهن. وزار روس حتى الآن الجزائر ومخيمات تندوف على أن ينتقل إلى المغرب من موريتانيا. على صعيد آخر، أبدت أوساط مأذونة في الرباط استغرابها حيال ما وصفته ب «تحويل قضية العقيد المعتقل قدور ترزار إلى ملف حقوقي»، وقالت إن محكمة عسكرية كانت دانته نتيجة إفشاء معلومات عسكرية تُحظر القوانين إفشاءها. ورأت أن تدخل أطراف خارجية، في إشارة إلى حمله الجنسية الفرنسية، يزيد في تعقيد الموقف. وأوضحت ل «الحياة» أن حمل الجنسية الأجنبية «ليس امتيازاً» وأن الانضباط العسكري يفوق أي التزامات أخرى. وتقوم عائلة العقيد ترزاز بحملة واسعة بمساعدة منظمات حقوقية لتسليط الضوء على قضيته وتؤكد أنه لم يفش أسراراً عسكرية ولم يقم بأي خيانة لوطنه، بعكس ما تقوله السلطات المغربية التي أصدرت حكماً بسجنه لمدة 12 سنة.