واشنطن - «نشرة واشنطن» - أعلن رئيس مجلس الاحتياط الفيديرالي (البنك المركزي الأميركي) بنجامين برنانكي، إن «التوسع المستدام في الاقتصاد الأميركي لا بد له في نهاية المطاف من أن يكون مدفوعاً بنمو إنفاق المستهلكين ونمو الاستثمارات التجارية والسكنية فضلاً عن الصادرات»، معتبراً أن «النمو الاقتصادي الإجمالي يمضي بوتيرة أبطأ مما نبتغي». وهبت أسواق المال في الولاياتالمتحدة والخارج إلى تفحص ملاحظاته بحثاً عن دلائل تشير إلى نوع الإجراءات التي قد يتخذها الاحتياط الفيديرالي لإسعاف الانتعاش الاقتصادي والمحافظة على زخم التوسع. وأبلغ برنانكي جمعاً من الخبراء الاقتصاديين في مؤتمر عقد في «بنك بوسطن للاحتياط الفيديرالي» قبل أيام، أن «البنك المركزي الأميركي يظل ملتزماً بانتهاج سياسات تدفع عجلة العمل بأقصى وتيرة ممكنة وتدعم استقرار الأسعار»، علماً أن نسبة البطالة في الولاياتالمتحدة تبلغ حالياً 9.6 في المئة ولم تتغير إلا قليلاً معظم هذه السنة. ولا يخفى أن البطالة المرتفعة تثني المستهلكين عن الإنفاق لأنها تنطوي على تجميد الأجور وتفاقم الالتباسات والهواجس بين صفوف العمال بالنسبة الى أمن وظائفهم. ومنذ حزيران (يونيو) المنصرم، أضاف القطاع الخاص نحو 85 ألف وظيفة جديدة إلى سوق العمل كل شهر. وعلق برنانكي على ذلك قائلاً: «إن هذا لا يكفي لتقليص البطالة جوهرياً». وهناك مهمة مزدوجة للاحتياط الفيديرالي هي الحد من التضخم وفي الوقت ذاته زيادة العمالة بأقصى ما يمكن. وكانت الولاياتالمتحدة ومعظم الدول الكبرى منيت بركود اقتصادي في كانون الأول (ديسمبر) 2007، ثم بدأت مرحلة الانتعاش بحلول تموز (يوليو) 2009 في أعقاب سلسلة من «الإجراءات القوية» اتخذتها البنوك المركزية وغيرها من صناع السياسة حول العالم. وبهذا الخصوص، قال برنانكي إن «تلك الإجراءات، وإن لم تكن دائماً محبوبة أو مفهومة جيداً، ساهمت في استتباب النظام المالي العالمي وتمكين الأسواق المالية الكبرى من استعادة نشاطها المعهود». ويعتبر الركود الذي استمر عامين الأعتى من نوعه منذ الكساد الكبير الذي ألم بالعالم كله في ثلاثينات القرن العشرين. وبناء على التحليل الذي أجراه المكتب الوطني للأبحاث الاقتصادية الذي يقوم رسمياً برسم خطة الدورة الاقتصادية، فإن هذا الركود استمر لأطول فترة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية في عام 1945. ويستند ركود الاقتصاد وتوسعه عادة إلى طائفة معقدة من المؤشرات الاقتصادية تشمل البطالة والناتج المحلي الإجمالي والدخل والإنتاج الصناعي ومبيعات الجملة والمفرق وتجارة الصادرات. وقال رئيس البنك المركزي الأميركي لجمهور الحاضرين في المؤتمر: «لئن تباطأت وتيرة الانتعاش في الأشهر الأخيرة ويحتمل أن تظل متواضعة نسبياً في المدى القريب، فإن المواصفات المطلوبة لإحداث طفرة في النمو لا تزال ماثلة للعيان». وتوقع برنانكي أن «يتدنى بصورة مطردة خلال الفصول المقبلة أثر القانونين الفيديراليين للتنشيط الاقتصادي اللذين أسهما في تحقيق الانتعاش، ولكن التدني لن يبعد الاقتصاد عن مساره بسرعة». وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما وقع في شباط (فبراير) 2009 على خطة التحفيز الاقتصادي بتسخير 787 بليون دولار لهذا الغرض، وبالتالي أصبحت قانوناً نافذ المفعول يستهدف انتشال الاقتصاد وتحقيق الاستقرار في القطاع المالي الأميركي. وجاء ذلك في أعقاب خطة أقرها الرئيس السابق جورج بوش الابن في تشرين الأول (أكتوبر) 2008 وانطوت على تسخير مبلغ 700 بليون دولار، وكان الهدف منها دعم القطاع المالي الأميركي في مواجهة ركود سرعان ما أصبح مستشرياً. وفي غضون ذلك، يعكف صناع السياسة في الاحتياط الفيديرالي على تقويم الإجراءات المقترحة لشراء سندات إضافية طويلة المدى من وزارة المال بهدف خفض أسعار الفائدة على القروض الطويلة الأمد وبالتالي تعزيز عمليات الشراء والإنفاق. وكان البرنامج السابق للبنك المركزي الأميركي الذي اشتمل على شراء سندات عقارية ومالية بمبلغ 1.7 تريليون دولار قد ساهم فعلاً في تشجيع الانتعاش الاقتصادي. ومع ذلك، فإن برنانكي نبه اللجنة الفيديرالية للأسواق الحرة وهي اللجنة التي تصوغ سياسات الاحتياط الفيديرالي، بأن عليها أن «تزن منافع هذه الإجراءات في مقابل كلفتها قبل أن تنطلق في أي مبادرة». وستجتمع هذه اللجنة مرة أخرى يومي 2 و 3 تشرين الثاني (نوفمبر) في واشنطن العاصمة. وخلص رئيس «المركزي» إلى القول: «إن اللجنة الفيديرالية للأسواق الحرة ستأخذ في الاعتبار التكاليف والمجازفات المحتملة للسياسات غير التقليدية، وكعهدها دائماً، تتوقف إجراءات اللجنة على ما يردها من معلومات عن الصورة الاقتصادية العامة والأحوال المالية المرتقبة».