أقرّت لجنة الدستور في البرلمان التركي، في شكل مفاجئ صباح أمس، بعد جلسة ماراثونية دامت 17 ساعة، تعديلاً دستورياً اقترحته الحكومة يحوّل النظام رئاسياً، مُعززاً السلطات التنفيذية للرئيس رجب طيب أردوغان الذي قد يحكم البلاد حتى العام 2029. ورأى حزب «العدالة والتنمية» الحاكم في الأمر «أعظم خطوة ديموقراطية في تاريخ الجمهورية»، فيما اعتبرت المعارضة أنه «يسلّم تركيا إلى حكم رجل واحد» ويقيم «دولة مستبدّة». وأتاحت أصوات أعضاء الحزب الحاكم إقرار البنود ال18 من مشروع القانون، بعد تقليصها من 21، علماً أن اللجنة حسمت مناقشة 12 مادة في غضون ليلة واحدة، بعد مرور المواد الست الأولى بغالبية أصوات نواب «العدالة والتنمية». وفشلت محاولات المعارضة وقف المشروع، وقرّر «حزب الشعب الجمهوري» الأتاتوركي نقل اعتراضاته من البرلمان إلى الشارع، ونشر فيديوات لنوابٍ من الحزب يقرأون بياناً يرفض «تسليم تركيا إلى حكم رجل واحد، ودفعها نحو ديكتاتورية». واعتبر الحزب أن المشروع يرقى إلى «تغيير النظام»، وقال النائب عنه بولنت تيزجان: «هذا دستور سيدمّر مكاسب قرنٍ للجمهورية الديموقراطية، ويُقيم دولة مستبدّة». في المقابل، تحدث ريسات بيتيك، وهو نائب من الحزب الحاكم، عن «أعظم خطوة ديموقراطية في تاريخ الجمهورية» التركية. وسيُعرض المشروع على البرلمان بعد أسبوعين، للتصويت على مواده، كلّ منها على حدة مرتين، وأخيراً يُصوّت على كل المواد التي نالت أكثر من 330 صوتاً، مرة واحدة في شكل إجمالي. وفي حال حصول المشروع على 330 صوتاً، أو أكثر، يُنظّم استفتاء عام عليه في غضون شهرين، ما يرجّح حدوث ذلك في الأسبوع الأخير من آذار (مارس) المقبل. ويدور سجال الآن حول مساعي الحزب الحاكم لجعل التصويت في البرلمان علنياً، وهذا ما ترفضه المعارضة، إذ ترى في الأمر مخالفةً لأحكام الدستور الذي ينصّ على سرية أي تصويت على تعديل دستوري، ويرفض أي قرار جماعي تتخذه أحزاب. ويمنح مشروع التعديل الدستوري الرئيس صلاحيات الحكومة، بعد إلغاء منصب رئيس الوزراء وشرط أن يكون الوزير نائباً. ويُمكّنه من تعيين أكثر من نائب له، وعزل هؤلاء والوزراء والمسؤولين البارزين، ويتيح له إعلان حال الطوارئ، بعدما كان الأمر يتطلّب مصادقة البرلمان. كما يمنحه حق اقتراح الموازنة، ويمكّن وزراءه من إصدار قرارات تعادل القوانين. ويشمل المشروع أيضاً رفع عدد النواب من 550 إلى 600، وخفض سنّ الترشّح للانتخابات البرلمانية من 25 إلى 18. كما يعيّن الرئيس نصف أعضاء المحكمة الدستورية والمجلس الأعلى للقضاة والمدعين، فيما يعيّن البرلمان النصف الآخر. وسيُسمَح للرئيس بالانتماء سياسياً إلى حزب، مع تنظيم الانتخابات الرئاسية والنيابية في آنٍ كل خمس سنوات، بدءاً من العام 2019. وسيتمكّن من تولّي الرئاسة لولايتين، ومن الترشّح مجدداً إذا لم يُكمل السنوات الخمس في الحكم، بسبب انتخابات مبكّرة يمكن أن يدعو إليها، أو أن تُنظَّم بقرار يتخذه ثلثا النواب. كما يحق للبرلمان فتح تحقيق في حق الرئيس، في حال موافقة ثلثَي أعضائه. وتعتبر المعارضة أن صلاحية حلّ البرلمان وتنظيم انتخابات مبكرة تؤمّن للرئيس حق الترشّح مجدداً، ولو كان حكم ولايتين، وتُبقي باب الترشّح المتكرّر مفتوحاً، طالما نُظِّمت الانتخابات في وقت مبكّر. وترى أن المشروع يمنح الرئيس حصانة مضاعفة، أثناء حكمه وبعده، إذ إن أي طلب للتحقيق معه يستوجب موافقة ثلثَي النواب ولو ترك الحكم، ناهيك عن أنه سيمثل في هذه الحالة أمام المحكمة الدستورية التي يُرجّح أن يتفرّد، مع حزبه، في تعيين أعضائها.