بدأت في مجمع سجون «سيليفري» في ضواحي إسطنبول أمس، جلسات محاكمة 29 شرطياً بتهمة الضلوع في محاولة الانقلاب ضد الرئيس رجب طيب أردوغان في 15 تموز (يوليو) الماضي. ويواجه معظم المتهمين عقوبة السجن المؤبد في حال إدانتهم بالتهم المنسوبة إليهم والتي تتعلق بالامتناع عن تنفيذ الأوامر والإخلال بواجب حماية الرئيس، إضافة إلى الانتماء إلى تنظيم إرهابي، في اشارة إلى جماعة فتح الله غولن الداعية المقيم في الولاياتالمتحدة. وفرضت إجراءات أمنية مشددة خارج السجن حيث تستمر المحاكمة أربعة أيام، بالتزامن مع جلسات محاكمة في مدن أخرى يواجه فيها شرطيون متهمون عقوبات أخف. ولقاعة المحاكمات في «سيليفري» أهمية رمزية، ذلك أنها أعدت لمحاكمة مئات من أعضاء شبكة «أرغينيكون» التي اتهمت بتدبير انقلاب في 2013، من بينهم صحافيون وضباط ومحامون وجامعيون، دينوا بالتآمر على أردوغان. وبرئ معظم هؤلاء لاحقاً بعد اتهام جماعة غولن التي كانت متحالفة في حينه مع أردوغان بتلفيق التهم لمصلحة الرئيس. وتلا القاضي فكرت ديمير في مستهل الجلسة أمس، أسماء المتهمين والتهم الموجهة إليهم، ثم بدأ الاستماع إلى مرافعات المحامين المكلفين الدفاع عن المتهمين. ونقلت «وكالة أنباء الأناضول» التركية عن المحامي أرهان كاغري بيكار رئيس «رابطة 15 تموز» التي أنشئت للدفاع عن «ضحايا محاولة الانقلاب، تعهده العمل ورفاقه على «إنزال أقصى عقوبة» بالمتهمين. ونقلت وسائل إعلام تركية عن محامين مقربين من السلطات، قولهم إن المحاكمات «ستشكل عبرة مستقبلاً لمن يجرؤ على التسلل إلى مؤسسات الدولة لتنظيم انقلابات». واعتبرت المحاكمات وحملة التوقيفات التي سبقتها وشملت حوالى 41 ألف شخص، رسالة قوية إلى غولن المتهم بالوقوف وراء محاولة الانقلاب التي أدت إلى سقوط حوالى 270 قتيلاً وألفي جريح، على رغم رفض الداعية المقيم في بنسلفانيا هذه الاتهامات. وفي خطوة نادرة تزامنت مع المحاكمات، نقلت «وكالة أنباء الأناضول» كلاماً لسميّة أردوغان بيرقدار، ابنة الرئيس التركي والتي يرشحها بعض الأوساط لخلافته، قولها خلال مؤتمر حول الإسلام في شيكاغو، إن «خطة منظمة غولن للسيطرة على عقول الناس وقلوبها، باتت مكشوفة». وأكدت سمية أردوغان، وهي أصغر بنات الرئيس، في كلمتها أن «دولتنا ستدافع بكل قوتها عن إرادة بلادنا وأمنها ووحدة أراضيها، في إطار القانون». في غضون ذلك، فرضت محكمة تركية تعتيماً إعلامياً على التحقيقات المتعلقة باغتيال السفير الروسي في أنقرة أندريه كارلوف برصاص شرطي اتهم بالانتماء إلى جماعة غولن. وأفادت وكالة «الأناضول» بأن المحكمة وافقت على طلب النيابة العامة فرض حظر على بث صور عملية الاغتيال التي وقعت في 19 الجاري والتقطتها كاميرات تلفزيونية، إضافة إلى حظر على تغطية سير التحقيق، يشمل منع نشر أسماء شهود أو أشخاص لهم علاقة بالمتهم أو الضحايا. وعلى رغم أن المحكمة لم تعط مبرراً لقرارها، فإنه يأتي غداة نشر صحيفة «حرييت» مقابلة مطولة مع شقيقة القاتل مولود ميرت ألطنطاش، والتي قالت إنه تعرض «لغسل دماغ» أثناء التحاقه بكلية الشرطة في إزمير. ويوحي هذا التصريح بأن ألطنطاش انتمى إلى جماعة إسلامية متشددة، في حين تصر السلطات على أنه من أتباع غولن.