اعتلى مجال المقاولات قائمة المجالات الأكثر تضرراً من «الحملة التصحيحية»، بعد أن شحت العمالة و«الحرفيون» في هذا القطاع بحسب تأكيدات مقاولين، وهو ما أثر سلباً في أسعار البناء التي ارتفعت إلى الضعف تقريباً، فضلاً عن انخفاض الجودة. وأكد عمر العماري أحد المقاولين في مدينة جدة وجود «نقص واضح في بعض المهن المعمارية، التي من شأنها إيقاف مشروع كامل بسبب عدم توافر عمالة لتلك المهن». وقال: «كنا في السابق نتخير العمالة من ناحية الجودة، أما الآن فليس أمامنا إلا عمال معينون، وعلينا أن نرضى بهم شئنا أم أبينا»، مشيراً إلى ارتفاع أجور العمالة في هذه المجالات سواء أكانت يومية أم شهرية. وأوضح أن مؤسستهم درجت على تنفيذ مشاريع سكنية بأسعار معروفة ووقت محدد، «وحالياً لم يعد بمقدورنا الوفاء بكل ما لدينا من مشاريع بسبب النقص الحاد في العمالة لدينا، وبخاصة الحرفيين مثل المبلط والكهربائي والمليس والسباكين، حتى عمال التحميل وغيرها من المهن التي نعتمد عليها في المقاولات اعتماداً كلياً». ونوّه إلى أن الأسعار أضحت «خيالية»، وتابع: «كنا في السابق نأخذ على المتر 100 ريال، أما الآن فلا نقبل بأقل من 200 ريال أو تزيد، بسبب ارتفاع الأجور، الأمر الذي له تأثير سلبي في المواطن الذي لا يستطيع دفع كل هذه الفروقات». وخلفت الحملة التصحيحية «فراغاً كبيراً» في حركة العمل في ميناء جدة، بحسب محمود عارضة المخلّص الجمركي، الذي يقول: «عند وصول أي بضاعة للتجار نقوم بجلب العمالة لتحميل البضائع وتفريغها من الحاويات المحملة بها، وعرضها على الجمارك، ومن ثم إعادتها لمكانها وتحميلها في الشاحنات والخروج من الميناء». وأضاف: «كل هذا كان يتم في وقت وجيز لكثرة العمالة، أما الآن فأصبحت البضائع مكدسة، الأمر الذي يؤدي بنا إلى دفع ضرائب للميناء لعدم قدرتنا على تخريج البضاعة، إذ تحسب علينا ضرائب عن كل ساعة تأخير، فكيف نخرج البضائع في ظل عدم وجود عمال؟ الأمر الذي أدى لشكوى كثير من التجار لإدارة ميناء الملك عبدالعزيز من دون جدوى، ما اضطرنا للاستعانة بعمالة مهن أخرى، وندفع لهم ثمناً باهظاً عما كان يأخذه سابقوهم». وألقى تصحيح أوضاع العمالة بظلاله على مهن أخرى ظلت شاغرة جزئياً، من دون أن يشغلها أحد، خصوصاً التي تحتاج إلى مهارات، وبات العاملون فيها يتقاضون أجوراً أكبر من السابق، مستغلين شحّ العرض في مقابل الطلب. ويرى المواطن خليل محمد أن لكل قرار منافع ومضار، ومن ذلك تصحيح أوضاع العمالة، مشيراً إلى إقفال عدد لا يستهان به من ورش السيارات والحدادة والنجارة وغسيل السيارات، بخلاف العمالة التي كانت تستخدم لتصليح المنازل من الأعطال التي تصيبها سواء في سباكتها أم كهربائها. وقال: «كنا في الماضي عند تعطل شيء ما في المنزل نحضر عاملاً، وكان كل ما عليك هو الذهاب إلى مكان تجمع العمالة، وبمجرد وقوفك تجد العشرات منهم يعرضون عليك خدماتهم بأقل الأسعار، حتى أصبح المكان الذي يتجمعون فيه يسمى بكبري العمالة». واستدرك: «في الوقت الحالي هناك شحّ كبير في الحصول على عمالة، وإن استطعت الوصول إلى أحدهم فإنه يأخذ مبلغاً مضاعفاً، فهو يعتبر نفسه المتحكم في السوق، ويملي كل شروطه، ومن لا يعجبه يبحث عن بديل».