تشهد بلادنا هذه الأيام ، طفرة في المجال العمراني ، يعود السبب فيها إلى الدعم السخي ، الذي أمر به خادم الحرمين الشريفين يحفظه الله ، لصندوق التنمية العقاري ، مما زاد من عدد المستفيدين ، بشكل كبير، وقلل من فترة الانتظار ، وأمره الكريم يحفظه الله بزيادة قيمة القرض من 300 ألف ريال ، إلى 500 ألف ريال . هذه الزيادة في عدد المستفيدين علاوة على زيادة قيمة القرض ، جعلا جميع مدننا بدون استثناء ، تشهد حركة واسعة ، في المجال العمراني . لكن في مقابل هذه الطفرة ، ظهرت مشكلتان . الأولى : ارتفاع أسعار مواد البناء ( السباكة والكهرباء ) بشكل ملاحظ ، وتفاوت أسعارها من محل لآخر . بعض التجار امتلأت قلوبهم بالجشع والطمع ،استغلوا الفرصة ، فصاروا يتلاعبون بالأسعار، في ظل غياب واضح ، لدور وزارة التجارة في مراقبة الأسعار، ووضع حد لهذا الاستغلال ، وهذا التلاعب في الأسعار . المشكلة الثانية : وهي مشكلة قديمة ، لكن لا زلنا نعاني منها حتى اليوم ، وهي : عدم توفر العمالة المدربة المتخصصة ، فغالبية العمالة التي تعمل في بلادنا ، غير مدربة ، وغير مهيأة، وكثير منهم يعملون في غير تخصصهم ، هذا إن كان لدى البعض منهم تخصص أصلا ، هذه الفئة قدمت من بلدانهم ، لا يحملون أي مؤهل ، ولا يعرفون أي مهنة من المهن ، فتعلموا في بلادنا ، فمثلا الذي يبني ، تجده قبل أن يقدم إلى بلادنا لا يعرف يبني عشر ( بلكات ) على بعض ، وفجأة يصبح عندنا بقدرة قادر بنّاء معروفا . والدهان حين قدم لا يعرف من الألوان إلا بعض أشكالها ، وفجأة يصبح دهانا وخبيرا ومنسق ألوان ، ويفهم في جميع أنواع الدهانات . المبلط كان لا يعرف من البلاط والسراميك إلا ما يشاهده صدفة ، معروضا في المحلات ، وفجأة يصبح بين عشية وضحاها ، مبلطا يشار إليه بالبنان ، (المليس ) ، كان لا يعرف من اللياسة إلا اسمها ، وفجأة تجده منافسا قويا لزملاء المهنة ، ولو( جيته ) يقول لك ( ما ني فاضي ) أخلص هذه العمارة ، ومحجوز ومتفق على عمارة ثانية ، الكهربائي ، قبل ما يكون كهربائيا ، كان عاملا برفقة كهربائي آخر ، وفجأة ينفصلان ، ويتحول العامل في يوم وليلة إلى كهربائي . ونفس الكلام ينطبق على السباك ، والحداد ، والنجار ....... إلى آخر هذه المهن . وقد يخرج من بين هؤلاء ، من يصبح مقاولا مشهورا ، يدخل في مناقصات ومنافسات ، وقد تحتاج إلى تحديد موعد معه لمقابلته ، حتى تتفق معه ، أو يتفضل عليك و يستلم منك المخطط لدراسته ، ووضع القيمة ، وقد يشير ويقترح عليك بتغيير بعض الأشياء أو الديكورات ، التي تصب في النهاية لصالحه ، ويحاول إقناعك أنه يفهم أحسن من المهندس ، المهم أنهم تعلموا الحلاقة ليس في رؤوس اليتامى فقط ، بل وفي غير اليتامى أيضا . وكأننا في مدرسة لتدريب وتخريج العمالة والمقاولين ، والضحية في النهاية نحن . لذلك تجدنا نعمل صيانة دائمة لبيوتنا ، نخسر عليها مبالغ كبيرة ، نتيجة لظهور العيوب والأخطاء بعد فترة قصيرة ، من بنائها ، بسبب سوء التنفيذ. . عبدالله حسن أبوهاشم ضباء