بدأت آثار قرار المحكمة العليا في باكستان رد طلب الحكومة استئناف الحكم القاضي بإسقاط قانون المصالحة الوطنية والذي كانت اصدرته المحكمة في 16 كانون الأول (ديسمبر) الماضي، تمهيداً لفتح قضايا فساد ومحسوبية تطال مسؤولين في الحكومة والبرلمان، بالظهور بعد إعلان الحكومة إنهاء عقد سفيرها في طهران السيد عباسي، أحد المتهمين بالإفادة من قانون المصالحة الوطنية الذي اصدره الرئيس السابق برويز مشرف عام 2007. كما أقالت الحكومة بير مكرم الحق، المدير التنفيذي للمطابع الحكومية الخاصة بالعملة والأوراق الرسمية، والذي كان احد أكثر المقربين من رئيسة الوزراء الراحلة بينظير بوتو. وكذلك أقيل صادق علي خان مدير إحدى المؤسسات المالية الحكومية لاتهامه بالفساد ونيل رشاوى وسوء استخدام السلطة. وينص قرار المحكمة العليا بإسقاط قانون المصالحة الذي أقره مشرف من دون موافقة البرلمان والقضاء، على إعادة فتح كل ملفات الفساد في الدولة ومحاسبة المستفيدين من القرار والذين يناهز عددهم 70، في مقدمهم الرئيس آصف علي زرداري ووزير الداخلية رحمن مالك ووزير القانون والشؤون البرلمانية بابر أعوان. وكانت المحكمة العليا ثبتت قبل اربعة أشهر حكماً قضائياً لمحكمة لاهور العليا بإدانة وزير الداخلية مالك وسجنه ثلاث سنوات، لكن الرئيس زرداري سارع إلى إصدار عفو عنه قبل اعتقاله، ما شكل سابقة لرئيس باكستاني تجاه وزير. ورأى خبراء قانونيون ان اسقاط الرئيس حكماً لا تنفي كونه مداناً، ولا يسمح له بتولي منصب رسمي أو الترشح لعضوية البرلمان. وفي تطور جديد، أعلنت الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد الإداري والمالي اختفاء أموال كانت في حسابات خاصة بالرئيس زرداري في مصارف سويسرية، وذلك بعد شهور على مماطلة الحكومة في إعادة الطلب من المحاكم السويسرية لفتح ملفات الفساد الخاصة بزرداري. وأشار قانونيون باكستانيون إلى أن مسألة اختفاء هذه الأموال تهدف الى التغطية على تباطؤ الحكومة في إعادة فتح قضايا الفساد. وفيما ترى الحكومة من وجهة نظر قانونية أن زرداري يتمتع بحصانة دستورية تمنع ملاحقته قانونياً ما دام يشغل منصب الرئيس، فإن المحكمة العليا على رغم انها لم تسقط مسألة الحصانة، لكنها طلبت فتح كل قضايا الفساد أياً كان المتورطون فيها. وتخشى أوساط حكومية من ممارسة المحكمة العليا ضغوطاً على زرداري لإجباره على الاستقالة وإقالة عدد من الوزراء البارزين على رأسهم وزير الداخلية مالك وبابر أعوان.