لا يمكن رد إقبال السعوديين بكثافة على برامج التأهيل والتدريب إلى الطمع بالفوز بفرصة عمل فقط، إذ تحول الأمر إلى أشبه ما يكون ب «الهوس»! وآخر المصابين بهذه «العدوى» الجمعيات الخيرية التي باتت تحرص على تقديم «حقائب تدريبية» لتأهيل الشباب والفتيات على الزواج، خصوصاً مع ارتفاع حالات الطلاق في السعودية خلال العامين الماضيين بمعدل 20 في المئة عن السنوات السابقة، بحسب تقرير صدر أخيراً عن وزارة التخطيط السعودية، ويشير إلى حصول حالة طلاق كل 40 دقيقة، بمعدل 33 حالة في اليوم، وما يقارب 12192 في السنة. في شهر أيلول (سبتمبر) الماضي أتم «مركز المودة الاجتماعي» للإصلاح والتوجيه الأسري في جدة تأهيل 129 شاباً و12 فتاة من المقبلين والمقبلات على الزواج، ضمن مشروع التأهيل الأسري، الذي تشرف عليه المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني. وأوضح تقرير صادر عن قسم التدريب في المركز ان المركز أقام خلال شهر شوال الماضي أربع دورات للشباب ودورة للفتيات، شارك فيها 141 شاباً وفتاة، وقدمها عدد من المدربين المتخصصين في هذا المجال. وقال الأمين العام للمركز زهير ناصر: «دورات التأهيل الأسري للشباب تقام على مدى يومين، وتتناول محاور منها المودة والرحمة، وآداب التواصل بين الزوجين قبل ليلة الزفاف، إضافة إلى برنامج «اكتشف شخصيتك وتعرف الى شخصية النصف الآخر»، ووصايا «ليلة العمر»، وآداب الدخلة». وأضاف ناصر: «دورات التأهيل الأسري للفتيات أقيمت على مدى ثلاثة أيام، وتطرقت إلى المودة والرحمة، وآداب الخطبة والعقد، واكتشاف الشخصيات، ووصايا ليلة الدخلة وآدابها، والتجميل، ومحور العسل الأبدي، وفن احتواء المشاكل الزوجية، والتعامل مع الأقارب، وجددي حياتك، والطرق الصحيحة للتعامل مع إفرازات الجسم، والأمراض الخطيرة، والحمل والولادة، وأثر مستحضرات التجميل الكيماوية، ووقفات شهرية، والصحة في الحياة الزوجية». وأوضح أن المركز يقدم في ختام دوراته التدريبية مجموعة من الباقات التثقيفية الجذابة والأشرطة السمعية للمتدربين والمتدربات مجاناً. وتتم جدولة خمس رسائل قصيرة، SMS، تثقيفية وتوجيهية للمتدربين والمتدربات بمعدل رسالة كل شهر. يذكر أن أن المتدربين والمتدربات أشادوا بهذه الدورات التدريبية، وشددوا على أهمية التحاق العرسان المقبلين على الزواج بها لتحقيق حياة أسرية مطمئنة. وقالت المشرفة على برنامج تأهيل الفتيات للزواج، في احدى الجمعيات في جدة، رولا باصمد: «من خلال الدراسة والبحث الميداني في أسباب الطلاق وجدت أن غالبية حالات الطلاق ناجمة عن عدم المواءمة والاستعداد للحياة الجديدة، خصوصاً في ظل وجود بعض المشكلات الأسرية وتجارب سيئة في بيئة الزوجين الجديدين، خصوصاً لدى المرأة فهي الأكثر خوفاً من تكرار تلك المشكلات والتجارب السيئة، إلى جانب عدم توافق بيئتي الرجل والمرأة، ففي الغالب ينتج الطلاق بسبب اختلاف البيئات، وعجزهما عن التكيف». وأضافت: «من أسباب الطلاق عدم إعداد الفتاة جيداً قبل الزواج، فكثيرات لا يعرفن الطبخ، وليس لديهن الاستعداد لتحمل مسؤولية أسرة، إضافة الى إهمال المرأة نفسَها بعد الزواج». وترى باصمد أن الفتاة في حاجة الى دراسة نفسية الرجل وطريقة تعاملها معه قبل الاقتران به، وتمييزها طرق التعامل مع الرجل بعضها عن بعض، وفهمها لعالمه المختلف تماماً عن عالمها. وتابعت: «لا بد للفتاة من أن تتعرف الى شخصيتها من خلال الخضوع لاختبارات الشخصية، وتعرف عيوبها وايجابياتها، وكيفية تعديل السلبيات في شخصيتها، مع تعلم فن التواصل مع الأهل والأصدقاء، وكيفية اكتساب صداقات أهل الزوج». وأشارت إلى أن البرنامج يهدف إلى تدريب الفتاة نفسياً واجتماعياً وإكسابها المهارات الضرورية لاستمرارية الحياة الزوجية، إذ وُضع على أساس نتائج البحث الاجتماعي عن أسباب اتساع رقعة الطلاق في السعودية، في نسب تصاعدية، لأسباب اجتماعية متعددة أهمها ضعف الاستقرار العاطفي والنفسي للمرأة. وتبلغ مدة البرنامج 70 ساعة مقسمة على 23 يوماً، تخضع فيها الفتاة لبرامج تدريبية متكاملة ومكثفة، في جميع الجوانب الحياتية، الدينية، والنفسية والاجتماعية، فضلاً عن دورات تدريبية وورش عمل ونقاشات مفتوحة. وتوزع على خريجي البرنامج حقائب تدريبية تحتوي منهاج الدورة ومقرراتها التي تشكل مرجعاً للفتاة في ما بعد.