تواجه عشرات المراكز الطبية المدعومة من «منظمة الصحة العالمية» في مناطق النزاع في السودان، خطر إغلاقها بسبب نقص التمويل، ما يعرّض حوالى مليون شخص لخطر انتشار أوبئة. وتوقفت 11 عيادة عن العمل في دارفور وولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان، حيث أدت سنوات من النزاع بين القوات الحكومية ومتمردين إلى تهجير عشرات الآلاف من السكان. وبينما تتجه إنظار العالم الى نزاعات أخرى، خصوصاً في سورية، أكدت ممثلة «منظمة الصحة العالمية» في السودان نعيمة القصير، أن أزمة التمويل التي تزداد حدة تهدد بزوال 49 مركزاً طبياً آخر في هذه المناطق. وقالت: «لا نملك أموالاً كافية لمواصلة دعم العيادات في مناطق نائية»، مشيرة إلى أن «حوالى مليون شخص يمكن أن يتأثروا بذلك». وأوضحت أن «حوالى 323 ألف امرأة في سن الخصوبة وطفل في أعمار تقل عن خمس سنوات، لن يتمكنوا من الحصول على عناية طبية»، محذرة من «زيادة خطر احتمال انتشار أوبئة». وتحتاج المنظمة إلى حوالى سبعة ملايين دولار (6.7 ملايين يورو) لتشغيل العيادات التي تدعمها العام المقبل، وأكثر من نصفها موجود في دارفور. وتشهد هذه المنطقة الواسعة في غرب السودان منذ العام 2003 نزاعاً دامياً بدأ بتمرد مسلحين ينتمون إلى أقليات إثنية ضد السلطات العربية في الخرطوم. وتفيد تقديرات الأممالمتحدة أن 300 الف شخص قتلوا في المعارك و2.5 مليون نزحوا بسبب القتال. وشهدت ولايتا النيل الأزرق وجنوب كردفان مواجهات مماثلة. ويؤكد عادل الماحي من فرع السويد لمنظمة «سيف ذي تشيلدرن» (حماية الطفولة)، إن «السودان يشبه وضعاً ملحاً منسياً». ويضيف الماحي الذي يدير مراكز علاج للأطفال في مناطق تشهد نزاعات: «لا نملك المال (...) لصيانة التجهيزات أو الاهتمام بالأطفال الذين يعانون من نقص التغذية». وهذه المنظمة غير الحكومية مضطرة لوقف دعمها ل 20 مركزاً صحياً تقدم خدمات لمئتي ألف شخص في جنوب كردفان. لكن الأممالمتحدة تصر على التأكيد أن السودان يبقى أولوية للمانحين الدوليين، إذ أطلقت في تموز (يوليو) الماضي نداء لجمع حوالى بليون دولار من أجل تمويل المساعدة الإنسانية له، ونجحت في جمع 550 مليون دولار (526 مليون يورو). ويعتبر مسؤولو الأممالمتحدة أنه مبلغ كبير نظراً إلى الأوضاع الطارئة في سورية والعراق واليمن وأفغانستان. وتؤكد الناطقة باسم «مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية» في الأممالمتحدة سامنثا نيوبورت، أن «المانحين الدوليين قدموا أكثر من 3.2 بلايين دولار (ثلاثة بلايين يورو) للأعمال الإنسانية في السودان» خلال الأعوام الخمسة الأخيرة. لكن المساعدات التي تقدم الى قطاع الصحة تبقى ضئيلة. وكانت الأممالمتحدة قدرت الحاجة الى تمويل هذا القطاع في العام 2016 بحوالى 66 مليون دولار (63 مليون يورو) لكنها لم تتلق سوى 28 مليوناً (26.7 مليون يورو). واستخدم الجزء الأكبر من الأموال التي جمعت للسودان هذه السنة للمجموعات الأكثر ضعفاً. وقالت نيوبورت أن «أكثر من 330 مليون دولار (316 مليون يورو) استخدمت لتأمين الغذاء ل 4.6 ملايين شخص». وما زال اقتصاد البلاد ضعيفاً بعد عقود من العقوبات التجارية التي فرضتها واشنطن، لكن الأممالمتحدة تحاول الحصول على تمويل في السودان تعويضاً عن نقص الهبات الدولية. وقال ممثل «منظمة الاممالمتحدة للطفولة» (يونيسيف) في السودان عبد الله فاضل: «علينا أن نجد بدائل جديدة، أن نجد موارد داخل السودان»، مؤكداً أنه لم يعد يستطيع «الاعتماد على المانحين الأجانب».