في تحد للحكومة المصرية التي تعتزم استخدام الفحم الحجري لتوليد الطاقة بعد السماح لمصانع الإسمنت باستخدامه لمواجهة مشكلة نقص الوقود، تجمّع عدد من المواطنين والخبراء والأكاديميين المصريين إفتراضياً رفضاً للإستخدام العام للفحم الحجري، متذرّعين بالمخاطر البيئية والصحية والإقتصادية التي ستتسبب بها الحكومة. وأنشأ معارضو القرار صفحة على موقع "فايسبوك" تحت عنوان : "مصريّون ضد الفحم"، ضمت حتى الآن أكثر من 152 ألف معجب، داعين إلى استخدام مصادر الطاقة المستدامة. وتشهد الصفحة نسبة مشاركة عالية من قبل المصريين الذين يتّهمون الشركات الكبرى والموظفين "الفاسدين" في الحكومة بالاستفادة المادية من القرار، على حساب الصحة العامة، معتبرين ذلك "صراعاً ضد الانتهاك الصارخ لحقوق الإنسان من أجل مصالح الشركات الكبرى". أما على "تويتر" فاستخدم المصريون وسم #اوقفوا_الفحم مغرّدين ضد القرار الحكومي. ونُشرت على "تويتر" في إطار الحملة، مخططات بيانية تشير إلى أن أكثر من 23 ألف شخص يموتون سنوياً في أوروبا بسبب التلوث الناتج عن المصانع التي تنتج الطاقة من الفحم، وإلى الأمراض التي يتسبب بها كالأزمات القلبية والسرطان وأمراض الجهاز العصبي. ووافق مجلس الوزراء المصري مؤخراً على استخدام مزيج من الطاقة في صناعة الاسمنت، وطلب دراسة المزيج الأوروبي الذي يدخل الفحم في مكوناته لانخفاض تكاليفه، وسط ترحيب من المجتمع الصناعي. وقال وزير الصناعة والاستثمار المصري منير فخري عبد النور، إنّ موافقة الحكومة على استخدام مزيج الطاقة سيتيح لشركات الاسمنت استخدام الفحم، شرط الإلتزام بمعايير بيئية صارمة، في وقت يشكّل استهلاك مصر من الغاز 75 في المئة والنفط 16 في المئة من الاستهلاك الإجمالي لمصادر الطاقة. ويندرج القرار في إطار بدائل حل الأزمة في توفير الوقود والطاقة للمصانع الكثيفة الاستهلاك، فيما ترفضه وزارة البيئة نظراً إلى آثاره السلبية على البيئة والقطاع السياحي. واكدت وزير البيئة المصرية ليلى إسكندر، أنّ "إستخدام الفحم لمواجهة مشكلة نقص الطاقة سيعرّض الاقتصاد لمخاطر جمة، ويهدد الأمن القومي والسياحة وصحة المواطن"، مشيرة إلى أن "الدراسات والمؤشرات التي قامت بها الوزارة حول استخدام الفحم تثير القلق". وأشارت تقارير صادرة عن "وود ماكينزي" إلى أن الفحم "سيتخطى النفط كأهم وقود للاقتصاد العالمي بحلول عام 2020"، فيما يُتوقع ازدياد استهلاك العالم من الفحم بنسبة 25 في المئة نهاية هذا العقد ليصل إلى 4500 مليون طن من النفط المكافئ. وتتصدر الصين والهند قائمة الدول الأكثر طلباً للفحم، إذ تنفرد الصين بثلثي النمو العالمي في استهلاك الفحم متخطية مستويات الطلب من النفط، نتيجة انخفاض أسعاره مقارنة بأسعار مصادر الطاقة الأخرى. ولفتت تقارير إلى أن بيانات الاستهلاك في منطقة اليورو تظهر استخدام الفحم كمصدر أساس للطاقة، إذ تعتمد المنشآت الصناعية عليه بنسبة 30 في المئة والغاز بنسبة 24 في المئة والنفط بنسبة 34 في المئة. وقدّر تقرير ل"نفط الهلال" أن يبلغ استهلاك الصين من الفحم 3.8 بليون طن بحلول عام 2015، في حين ستملك أكبر صناعة لتحويل الفحم النظيف في العالم بحلول عام 2020.