ليس جديداً القول إن مجمل أيديولوجية الشيعة وقضيتهم ومصيرهم في لبنان، وفي غير لبنان، تتمحور في شكل اساس حول مقتل الحسين، رضي الله عنه، والسعي المستمر، حتى يوم القيامة، للثأر من قاتليه! الجديد والمخيف هو أن يكون مصير السنّة في لبنان، وربما في غير لبنان لاحقاً، يتمحور حول مقتل الحريري، رحمه الله، والسعي المستمر، حتى يوم القيامة الأهلية، للثأر من قاتليه! لبنان مليء بالطوائف والخصومات والثارات، لكن الذي يمسك بفتيل الاشتعال الآن هم الشيعة، أحفاد الحسين، والسنّة أبناء الحريري. لسنا هنا بصدد المقارنة بين الحسين عليه السلام والحريري عليه الرحمة، لا في الفضل ولا في المكانة ولا في جرم الاغتيال، لكننا نقارن حالة صغرى بحالة كبرى، في تماثل الظروف والانعكاسات والتوظيف. فالشيعة خلخلوا الجماعة الإسلامية وربطوا كثيراً من العبادات ومشاعر المحبة والكراهية ومصائر دول وطوائف وجماعات، ربطوا كل ذلك بالموقف من دم الحسين الطاهر، في حادثة تاريخية متنازع عليها، لم يقدر على حسمها الأولون فكيف يقدر عليها الآخرون؟! وبمنهج تشييعي تاريخي، يوشك أهل السنّة في لبنان الآن أن يحوّلوا «ملف» مقتل الحريري إلى «عقيدة»، تقوم لأجلها الحروب الأهلية وتتقاتل عليها الطوائف والفصائل، وتتحدد كل المواقف بالموقف حيالها. لست ضد تقصي الحقائق وملاحقة القتلة والمجرمين، لكني ضد أن تؤدي هذه المطالبات إلى تخريب أديان أو أوطان واستدامة الأحزان . 2 هل «التحكيم» عند الشيعة تماثله الآن «المحكمة» عند السنة؟ و «عاشوراء» الحسين في العاشر من محرم، هل تُستحدث إزاءها «خاموساء» الحريري، الذي قُتل في الخامس من شهر محرم أيضاً، ويا للمصادفة؟! ولبنان الذي عُرف دوماً من بين الدول العربية، بأنه بلد المستقبل ربما سيصبح رهناً للماضي... البعيد والقريب. وسيتقاتل فيه الأحياء ثأراً لدماء الأموات. وإذ ذاك، هل ستنبثق طائفة جديدة، كما انبثقت طائفة الشيعة من قبل، عقيدتها وولاءاتها تتمحور حول الثأر من قتلة الحريري والمطالبة المستمرة والمزمنة بالمحكمة... «لأجل الحقيقة»؟! * كاتب سعودي [email protected] www.ziadaldrees.com