شنّت السلطات التركية حملة واسعة على «حزب الشعوب الديموقراطي» الكردي، إذ أوقفت 235 من أعضائه، وقصفت مواقع ل «حزب العمال الكردستاني» في شمال العراق، مهدّدة ب «انتقام» بعد مجزرة إسطنبول التي أوقعت 44 قتيلاً، بينهم 36 شرطياً و8 مدنيين، و150 جريحاً. وطغت أخبار التفجيرَين خارج ملعب نادي بشيكطاش ليل السبت، على مسألة ارتفاع الدولار أو مشروع النظام الرئاسي أو تقدّم القوات التركية نحو مدينة الباب شمال سورية. تزامن ذلك مع دعوة المستشارة الألمانية أنغيلا مركل أنقرة إلى أن يكون ردّها على «الهجوم الرهيب» في إسطنبول ضمن «حكم القانون ومبدأ التكافؤ». وكان لافتاً الامتناع عن تسريب معلومات حول منفّذي التفجيرين اللذين أعلنت مجموعة «صقور حرية كردستان» القريبة من «الكردستاني» مسؤوليتها عنهما، وتوجيه اتهام مباشر ل «حزب الشعوب الديموقراطي»، من خلال تنفيذ حملة اعتقالات طاولت 235 من أعضائه، في 11 مدينة بينها إسطنبولوأنقرة ومرسين وأضنة ومانيسا وشانلي أورفا. وأفادت وكالة «الأناضول» الرسمية للأنباء بتوقيف 20 من أعضاء الحزب في إسطنبول، بينهم رئيسة فرعه في المدينة أيسال غوزال، و17 في أنقرة بينهم مدير فرع الحزب إبراهيم بينجي. كما أوقِف 10 أشخاص بسبب تغريدات على موقع «تويتر» اعتبرت الشرطة أنها ساندت «الإرهاب» وأيّدت التفجيرَين. واتهمت وزارة الداخلية التركية الموقوفين بالعمل لمصلحة «الكردستاني» و «نشر دعاية لجماعة إرهابية»، بعضها عبر مواقع التواصل الاجتماعي. وأشارت لقطات مصوّرة إلى حصول تخريب في مقار ل «حزب الشعوب الديموقراطي» بعدما فتّشتها الشرطة، وكتابة عبارات تهديد على جدرانها، بينها «أتينا ولم نجدكم». وكان وزير الداخلية سليمان صويلو توعّد «الجناة» ب «انتقام، عاجلاً أم آجلاً»، ليس فقط بمحاكمتهم. وهدد ب «محوهم من الجغرافيا»، وزاد خلال زيارة تعزية إلى مقرّ شرطة مكافحة الشغب في إسطنبول: «يتوقّع شعبنا أن نقضي على التنظيم الإرهابي الذي شنّ هجمات على أمّتنا طيلة 40 سنة». وتابع: «نريد أن يدرك الجميع أن (التنظيم) لن يصل إلى أي مكان، عبر اختبائه وراء أحزاب سياسية، وساسة ووسائل إعلام تحميه». وأثارت تصريحات صويلو انتقادات، إذ كتب رئيس تحرير صحيفة «حرييت» مراد يتكينان، أن الحكومة التركية تفتقر إلى «استراتيجية عميقة غير الردّ بعنف»، محذراً من إمكان استغلالها أي تفجير من أجل «مزيد من تشديد الإجراءات، ما سيتحوّل إلى مزيد من القيود على الحريات لكنه لا يوقف العمليات الإرهابية». وكان «حزب الشعوب الديموقراطي» ندّد بالتفجيرَين، كما أصدر رئيسه النائب صلاح الدين دميرطاش من سجنه بياناً تحدث عن هجوم «ملعون». وأعلن ناطق باسم الحزب المُمثل في البرلمان، أن دميرطاش عانى من وعكة في القلب السبت، لافتاً إلى أنه «محروم من الرعاية الصحية الضرورية». وأشار مسؤول في الحزب إلى توقيف 291 من أعضائه منذ ليل الأحد - الإثنين. في المقابل، تعمّدت أحزاب «العدالة والتنمية» و «الحركة القومية» و «الشعب الجمهوري» الممثلة في البرلمان، إصدار بيان مشترك يدين الهجوم، متجاهلة «حزب الشعوب الديموقراطي» الذي يدين اعتداءات «الكردستاني» لكنه يرفض اعتباره «إرهابياً». وبثّت شبكات تلفزة مشاهد للرئيس رجب طيب أردوغان وهو يتفقّد موقع التفجيرَين مع وزراء، ويشارك في تشييع شرطيين، علماً أنه توعّد ب «محاربة الإرهاب حتى النهاية». وأعلن الجيش التركي أن مقاتلاته شنّت غارات جوية في شمال العراق، ودمّرت مواقع وملاجئ ل «الكردستاني». إلى ذلك، أفاد مكتب الإحصاءات في تركيا بتراجع اقتصادها بنسبة 2 في المئة في الفصل الثالث من السنة المالية، مع انخفاض إنفاق المستهلكين والصادرات، للمرة الأولى منذ العام 2009.