يفاجأ القادة الأفارقة وأعضاء وفودهم اليوم ب «الوجود المتعدد الأوجه» للأتراك في كل ركن من أركان فعاليات القمتين العربية والعربية - الأفريقية في سرت. بعدما اختبره العرب في قمتهم السابقة. وعلى رغم أن القمة العربية الاستثنائية الحالية لم تنجح في وضع برنامج عمل «رابطة الجوار الإقليمي»، كان الأتراك يتولون تطبيق «البرنامج العملياتي» لفعاليات القمة، والذي يشتمل الطعام والاستقبال والاستضافة والخدمة وعمليات التنظيف... وصولا الى الموسيقى والأغاني والبرامج التي كانت أصواتها لا تغيب عن سمع آذان الحاضرين. يقول المدير العام ل «ركسوس» التركية اوغور انسجيسو ل «الحياة» إن شركته وقعت عقداً مع الحكومة الليبية لخدمة أعمال القمة. واستقدمت 2500 شخص من تركيا، بينهم 350 حسناء، أي بزيادة 1500 شخص عن عدد الذين «ساهموا» في القمة العربية العادية في آذار (مارس). وجرى نقل «الكتيبة» التركية الجديدة في 14 طائرة وثلاث سفن. لم يكن هذا التغيير الوحيد في «الدور» التركي، بل إن الشركة نجحت ب «التكيف» مع الواقع عبر الاعتماد على مواد محلية. وبعدما كان معظم المواد الأولية مستورداً من تركيا في المرة الماضية، اعتمدت «ركسوس» على المنتجات المحلية بنسبة تفوق 80 في المئة، وجلبت الطباخين والعمال والخبراء ل «تحويلها الى أطعمة تركية من مواد عربية»، بحسب قول انسجيسو. وتفيد المعلومات إن الأمر تطلب توفير نحو 15 طناً من اللحم الصافي و12 طناً من الخضار وثلاثة أطنان من الحلويات، مع توزيع 20 ألف قنينة ماء. ويوضح انسيوس: «هناك نحو 12 ألف شخص سنخدمهم خلال أيام القمة الأربعة، بينهم 65 زعيماً ورئيس وفد وأربعة آلاف عضو، إضافة الى آلاف من المرافقين والإعلاميين والأمنيين». وكانت السلطات الليبية تعاونت مع شركة «ناليتكو» التركية أيضاً لبناء 250 فيلاً جديدة لاستضافة رؤساء الوفود، أضيفت الى 900 غرفة فندقية أقيمت لاستضافة القمة في سرت. علماً انها شيدت في الربيع الماضي مئة فيلا في هذه المدينة و450 شقة، إضافة الى 24 جناحاً رئاسياً في قصر المؤتمرات، قرب قاعة «وادا دوغو» حيث تعقد القمة. يذكر أن «ركسوس» انتهت في آذار الماضي من بناء فندق في طرابلس ضم 150 غرفة، على أساس أن الاحتمال بقي قائماً حتى اللحظة الأخيرة لعقد القمة العربية في طرابلس. ويقول مدير هذه الشركة انها المرة الحادية عشرة التي تدير «ركسوس» عمليات استضافة مؤتمرات ضخمة في ليبيا «حيث تبادلنا التأثر والتأثير. اعتدنا على العلاقة معهم مع الزمن وأخذوا منا بعض العادات، حيث نحرص على احترام الثقافة الليبية». ينام انسجيسو مثله مثل آلاف الأتراك والتركيات على متن ثلاث سفن راسية على الشاطئ الليبي. لا يتكلمون اللغة العربية. كما هو الحال مع معظم المؤتمرين الذين لا يتحدثون التركية. بين هذا وذاك، تنشط لغة الجسد والحركات والاستدعاءات السريعة لبعض الكلمات الانكليزية أو «العثمانية». يوضح انسجيسو: «البديل هو اللطافة والتكيف»، حيث تحرص حسناوات الأناضول على استقبال السياسيين العرب والأفارقة بالابتسامات. تستقبلن «العرب في ديارهم» برشات من ماء الزهر في وسط كفوفهم المنبسطة. وتودعنهم بقطع من الشوكولا أو الفواكه العربية المجففة والملفوفة بالطربوش التركي. وتبدو داليا، الآتية من أنطاليا التركية الى سرت، الوحيدة التي تعرف ما يدور هنا. هي لا ترتدي كغيرها من «الأناضوليات» عباءة فاقعة بالأحمر أو الأخضر أو الأزرق ومزخرفة بالذهب. تعلمت الكلمات اللطيفة من المعجم العربي، وتتمنى «التوفيق بشغلة الجوار» لأن «نحن وأنتم جيران». ولا يخفي انسجيسو ورفاقه انهم يأملون في «تنظيم كل القمم العربية ومؤتمرات العرب، لذلك لم نرم الى الربح الكبير، بل أن تكون خدماتنا بمثابة دعاية لنا». لذلك فهو حرص على زيارة رؤساء عدد من الوفود العربية خصوصاً في الدول التي لديها «سوق واعدة، باستضافة المؤتمرات».