من مطار القرضابية الليبي إلى قاعة واغادوغو في مدينة سرت، يتجسد مصير عربي - أفريقي مشترك، لكن عبر شعارات زين بها الطريق فقط، يسعى من خلالها مضيف القمة العربية - الأفريقية الثانية إلى حض الطرفين على تبني شعاراته التي لا تجد سبيلاً على أرض الواقع. أعلام أفريقيا تعانق أعلام الدول العربية وصور القادة وكلماتهم «الخالدة» المتراصة على جانبي الطريق، لا يفصل بينها سوى نصائح الرئيس الليبي معمر القذافي بأن «الفضاء العربي - الأفريقي مصير واحد»، وأن العالم الجديد لا يقبل إلا الكيانات الكبيرة وأن الشعوب العربية والأفريقية تتوق إلى وحدة تحقق المصالح المشتركة وتنتظر من «قمة الآمال الكبيرة» في سرت أن تطلق شرارة واحدة لكيان عالمي يجابه قوى «الاستعمار والإمبريالية». «شعارات الطريق» تستدعي الزعيم الغاني كوامي نيكروما الذي آمن بالوحدة الأفريقية وعمل من أجلها وتستنهض الهمم ضد «العملاء أعداء الوحدة»، لكنها لا تعدو كونها كلمات كتبت على لافتات لا يزال معظمها بعيد المنال. ف «القارة الافريقية التي تدعم الحقوق العربية» في حاجة إلى من يدعمها، و «المصير المشترك» اهتمامات أصحابه مختلفة، ف «الأفارقة» الباحثون عن نهضة تنموية لا يجدون يداً عربية ممدودة لدعمهم، والعرب المنشغلون بتحرير أرض مضت عقود على احتلالها لا يجدون من أهل القارة السمراء سوى كلمات التضامن مع قضية فلسطين «العادلة». وبعد 33 سنة من عقد القمة العربية - الأفريقية الأولى في مصر، يقر قادة الجانبين في سرت استراتيجية للشراكة وخطة للعمل المشترك خلال السنوات الخمس المقبلة تركز على التعاون السياسي المشترك في مجالات الأمن والسلام والأزمة المالية والتغيرات المناخية ومكافحة الفقر والجوع، إضافة الى الهجرة غير المشروعة في أفريقيا. لكن «الشركاء الاستراتيجيين» ما زالوا مختلفين في شأن قضايا جوهرية، ففي القارة السمراء من يرفض انتقاداً عربياً شديداً لإسرائيل، وهو الأمر الذي اتضح جلياً خلال اجتماعات وزراء الخارجية العرب والأفارقة في إطار التحضير للقمة الثانية، كما أن تجارب التعاون المشترك على مدار العقود الماضية لم تثمر شيئاً مأمولاً، وهو ما دفع وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط الذي ترأس اجتماع وزراء الخارجية إلى دعوتهم إلى «الإفادة من دروس الماضي وانتهاز الفرصة القائمة من أجل إحداث نقلة نوعية في التعاون بين الجانبين»، فهل تُنتهز هذه الفرصة، أم إن الأمر في حاجة إلى 33 سنة أخرى؟